لم يبقى سوى بنت المدينة ان تشارك اختها في البادية قيادة السيارة...وترمي خلفها كل معارضة اجتماعية متخلفة...فالشك والريبة التي تنتاب البعض من المرأة في كل شي يجب ان يكون ضمن احداث الماضي
تعيش في بادية جدة امرأة سعودية تدعى «غالية»،60 عاماً، في ظروف طبيعة صعبة جعلتها تشذ عن المألوف، لتنافس الرجال ولتصنع لنفسها وأهلها الحياة، كمن يجعل من الأعواد بيتا ومن الحجارة قصرا.
لا يفوت غالية أن تنتقد نظرة الرجال للنساء اللاتي يتولين قيادة السيارات ووصفتها بالنظرة المرتابة غير الصحيحة فالرجال لا يثقون بالمرأة ويستخفون بقدراتها وهم للأسف الشديد يتعاملون معها بواجب الوصاية.المهم أن غالية امرأة ترفض القوانين العرفية وتختار الحياة كما تريد، ولكنها قصة ما زالت تروى في تلك الأرض القاسية.
«غالية» التي قادت السيارة منذ أكثر من 20 عاماً، تتذكر أنها تعبت وما زالت تتعب ففي وجهها تجاعيد كثيرة وأشياء أكثر تخبر الناظر بأن الحياة أعظم من أن تكون مجرد أكل وشرب. تقول «غالية» عن قيادتها للسيارة «لم أجد معارضة ولم يكن هناك تشجيع من الآخرين بقدر ما كان التشجيع من داخلي»، وبقدر الحاجة التي جعلتها تكسر كل الحواجز لتقف على رقعة الشطرنج سيدة قادرة، فها هي غالية ترفض القسمة وهيمنة الرجال لتعلن الشراكة الأبدية.
تتذكر امرأة الستين أول سيارة قادتها فتقول «مر زمن طويل على ذلك فعلى ما أذكر كان جيب موديل 79»، وبسبب التضاريس الصعبة والرمال الكثيفة في وطنها الصغير تفضل غالية الجيب ذات الدفع الرباعي على بقية السيارات. وعن الأماكن التي غالباً ما ترتادها تقول «أتنقل بين القرى المجاورة والبراري لزيارة الصديقات (نسوان) ولغرض البيع والشراء»،
وتضيف أنها تتحاشى الاقتراب من المناطق التي يوجد فيها رجال الأمن ولم يسبق لها أن قادت السيارة على الإسفلت، ثم تضحك وتقول مازحة «لأنني لا أحمل رخصة قيادة». لا مشكلة لديها في تبديل الإطارات (البنشر) لكنها تواجه الصعوبة في الأعطال الميكانيكية فتحتاج إلى من يساعدها، وتنفي ما يقوله الرجال عن حملها لسلاح وتقول «لم أحمل سلاحاً قط والمكان بالنسبة لي أمن نظراً لقرب القرى التي أقصدها».
ولكنها لا تتذكر حوادث غريبة أو مواقف تعرضت لها بسبب قيادتها للسيارة، وتصف كلام الرجال بالمبالغة المرفوضة.وغالية امرأة غير متزوجة توفى والدها وهى صغيرة، تعيش مع أخيها وعائلته، وتشتكي من صعوبة الحياة وتقول «ليس عندنا دخل ثابت فاعتمادنا على الماعز والأبقار في البيع والشراء، وبعض الأعمال الشاقة، وقيادتي للسيارة وفرت لنا الوقت والجهد، فنحن الكبار نعمل لأجل هؤلاء»، وتشير إلى أبناء أخيها الصغار.
تبدي غالية تفهما لرغبات النساء لقيادة السيارة، فهن مثلها لديهن احتياجات، فيكثر السؤال في اجتماعات النسوة عن كيفية قيادتها لسيارة، لتجيب بلسان الخبيرة في ذلك .لكنها تتردد عند سؤالها عن إمكانية أن تقود المرأة السيارة في المدينة وبررت ذلك بقولها «لا هذا لن يحدث»، وبعد صمت أضافت «عموماً المرأة ضعيفة وحوادث السير كثيرة، ونصحت من ترغب القيادة في المدن باتباع قواعد المرور وعدم الابتعاد عن منازلهن فهذا أسلم لهن».المصدر جريدة الشرق الاوسط
منقول