اخر عشرة مواضيع :         :: لقاؤنا بالمويلحيين " الحلقة الثانية " (آخر رد :القلعة)       :: من وثائق الأشراف الوكلاء المويلحيين بالمويلح (آخر رد :القلعة)       :: الهوى غلاب (آخر رد :ابو فايز)       :: لها فز قلبي فزة الطير ابو جنحان (آخر رد :ابو فايز)       :: البقاء لله في فقيد المويلحيين (آخر رد :القلعة)       :: لمن يهمه الأمر(الأصل الأصيل في زرعات الوكيل) (آخر رد :الشريف مصعب بن علي الوكيل)       :: أهل المويلح مكملين المواجيب (آخر رد :وكيل المويلح)       :: سيرته مثل ريح البخور (آخر رد :وكيل المويلح)       :: عبدالله من سلاطين الرجال (آخر رد :وكيل المويلح)       :: حيّ الوكيل (آخر رد :وكيل المويلح)      
العودة   منتدى المويلح - Al-Muwaylih > الساحـــــــــات العامة > ساحة قرية المويلح
اسم العضو
كلمة المرور
الإهداءات

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-28-2005, 12:00 AM رقم المشاركة : 1 (permalink)
المويلحي الصغير
المشرف العام
 
الصورة الرمزية المويلحي الصغير





المويلحي الصغير غير متواجد حاليآ بالمنتدى

افتراضي حياة المويلحي الصغير

[frame="1 80"]حياة المويلحي الصغير


هو السيد محمد المويلحي بن إبراهيم بن السيد عبد الخالق بن إبراهيم بن أحمد (اول من نزح الى مصرمن المويلح)بن الشريف مصطفى بن الشريف محمد المويلحي وكيل بندرالمويلح في شمال الحجاز، ولد في القاهرة في سنة 1858م، ونشأ فيها، تلقى علومه الأولية بمدرسة الخرنفوش، وكانت تسمى إذ ذاك «بالمدرسة الكبيرة» ثم تلقى علومه العالية بمنزل والده، الذي اختار له الشيخ أحمد قطة العدوى، رئيس مصححي المطبعة الأميرية في ذلك الوقت، ومن كبار رجال الأزهر، لتعليمه علوم اللغة العربية، وآدابها، وأحمد بك إسماعيل ناظر مدرسة الألسن، دار المعلمين العليا لتلقينه علوم الفرنسية وآدابها، واطلعت على وثائق بتوقيع وخط هذا الأديب في وثائق المويلحي في المويلح.


ولما سافر إبراهيم المويلحي إلى إيطاليا في سنة 1879م ظل محمد المويلحي في رعاية عمه عبد السلام، الذي وكل إلى إمام الأدب في ذلك الوقت إبراهيم بك اللقاني مصاحبته ، وإتمام علومه الأدبية.
وفي سنة 1882م أدخله عمه في خدمة الحكومة المصرية في منصب بوزارة الحقانية، وقبيل اندلاع الثورة سافر السيد عبد السلام المويلحي إلى الشام فانضم محمد إلى الثوار مع السيد حسن موسى العقاد ، وإبراهيم اللقاني، ثم قبض عليه ، وفصل من الوظيفة ، فسافر إلى أوربا ليلحق بوالده في إيطاليا.
سافر محمد المويلحي في سنة 1883م إلى إيطاليا، حيث لحق بوالده الذي كان يقيم في مدينة «ليفورنو» إحدى مدن إيطاليا مع الخديوي المخلوع إسماعيل، وهناك زار فرنسا وانجلترا، وتسنى له مصادقة إسكندر دوماس الابن، وكثير من أدباء وعظمائهم ذلك الوقت ولقى في باريس السيد جمال الدين الأفغاني واشترك معه في تحرير جريدة «مرآة الشرق».
ب- محمد المويلحي في مصر:
عاد المويلحي إلى مصر في سنة 1887م واشترك مع عارف المرديني في تحرير جريدة «القاهرة الحرة» اليومية وظل يكتب فيها حتى أوقفها صاحبها بسبب سفره إلى الأستانة بناء على دعوة من السلطان عبد الحميد الثاني، وتابع المويلحي مقالاته بعد ذلك في المقطم، والمؤيد والأهرام، وغيرها من الصحف العربية في مصر.
وفي سنة 1895م أقرت وزارة الداخلية تعيين المويلحي معاوناً لمديرية القليوبية ثم عين بعد ذلك مأموراً لمركز البرلس، لكنه مل الخدمة الحكومية فاعتزلها في أوائل سنة 1898م حيث اشترك مع والده في تحرير جريدة «مصباح الشرق» وعلى صفحاتها نشر في السابع من نوفمبر سنة 1898م «حديث عيسى بن هشام» أو فترة من الزمن ثم ظل يوالي نشره حتى سافر في العاشر من يونيو 1900م إلى انجلترا في معية الخديوي عباس حلمي الثاني ، ومن هناك أرسل إلى والده وصف هذه الزيارة، فنشرها في مصباح الشرق بتاريخ السابع عشر من أغسطس سنة 1900م.
يقول حافظ إبراهيم وهو يودعه عند سفره إلى معرض باريس:

يا كاتب الشرق ويا خير من
تتلو بنو الشرق مقاماته

سافر وعد يحفظك رب الورى وابعث لنا عيسى بآياته


ويقول وهو يستقبله عند عودته من هذا المعرض.

من لم ير المعرض في اتساع
وفاته ما فيه من إبداع

فعرض القوم بلا نزاع
في نفثة من ذلك اليراع


وفي يوم 27 من شهر نوفمبر 190م1 سافر إلى مدينة أسوان لينتظر الخديوي عباس الثاني ثم يقوم في معيته إلى الأقطار السودانية نائباً عن الجرائد العربية في مصر.
ومن الخرطوم أرسل أول رسالة في السادس من ديسمبر سنة 1901م وصف فيها رحلة الخديوي إلى السودان ثم نشر سلسلة من المقالات في جريدة «مصباح الشرق» تناول فيها وصف الأقطار السودانية وأحوالها، وظل يكتب في هذه الجريدة حتى الخامس عشر من أغسطس سنة 1903م حيث توقفت مصباح الشرق عن الصدور وتوقف المويلحي عن الكتابة.
يقول حافظ إبراهيم وهو يخاطب كاتب الشرق ، ويستغيث به ويرجوه مواصلة الكتابة ، في قصيدة نشرتها له جريدة الظاهر في أول يونيو سنة 1904م وهذه أبياتها:

أين أين المصباح يا كاتب

الشرق فقد أظلم النهى ذنوب

وتخطى إلى الكتابة قوم
حسنات البيان فيهم ذنوب

أغث النثر وارحم النظم واكتب وانتقد واحتكم فأنت الأديب

كيف يمشي سواك ينطق بالنقد ولو شئت أسكتته العيوب

سكت البلبل المغرد في
الشرق ونام الحمام والعندليب


وعاد المويلحي إلى الكتابة مرة أخرى، فنشر في جريدة « المؤيد» في فبراير سنة 1908م مقالاً يستصرخ فيه المسلمين، ضد القرار الذي أصدره مجلس بلدية الإسكندرية، لإقامة تمثال دانتي الجيري، ثم سافر في سبتمبر 1908م إلى الأراضي الحجازية مع وفد من رجال الصحافة والأدب بدعوة من الحكومة لحضور حفل افتتاح السكك الحديدية في الحجاز، وقد زار قبر الرسول -?-، وكتب وصفاً رائعاً للروضة الشريفة، والحجرة النبوية، نشر في جريدة «المؤيد» في السابع من سبتمبر 1908م.
وفي هذه السنة أنعم عليه الخديوي عباس حلمي الثاني برتبة المتمايز ، يقول حافظ إبراهيم:

بالأمس قد شرفت بالإعجاز قدر الأدب
واليوم قد شرفت بالممتاز قدر الرتب


ثم اشتغل محرراً في جريدة « المقطم» حتى سنة 1910م حيث عين مديراً لإدارة الأوقاف وظل في هذه الوظيفة حتى سنة 1915م .

جـ- محمد المويلحي في ديوان الأوقاف:
بدأ محمد المويلحي في ديوان الأوقاف وكانت اللغة العربية فيه، وفي غيره من الدوواين في تدهور مستمر، فاتجه إلى رفع مستواها واستعان في ذلك بعدد من رجال الأدب والبيان تخيرهم من بين تلاميذه، عاونوه أصدق المعاونة على رفع شأن هذه اللغة نذكر من بينهم: أحمد الأزهري صاحب مجلة الأزهر، وأحمد الكاشف وعبد الحليم المصري، وعبد العزيز البشري، وحسين الجمل، وحسن الدرس، وعلي شوقي، ومحمود عماد، ومصطفى الماحي، وعباس محمود العقاد وغيرهم.
يقول العقاد: « كانت كتابتي الأدبية -السياسية- طريقي إلى وظائف الديوان والفضل في ذلك لخصلة من خصال الفضول المحمود، صديقنا عبدالرحمن البرقوقي صاحب مجلة « البيان».
كان من دأبه أن يطمئن إلى تحرير مجلته بإهدائها إلى شيوخ الأدب والصحافة، وسؤالهم عن موضوعهاتها كلما زارهم أو زاروه في مكتب المجلة، وكان ممن يسألهم في ذلك حافظ عوض ومصطفى صادق الرافعي ومحمد المويلحي.
قال الشيخ: بلاشئ.
قال : أتراه يعيش على شيء من ميراث جده العقاد.
فأفهمه الشيخ أنني لا أنتمي إلى السيد حسن موسى العقاد المشهور، وأنني أعيش بالقليل مما يردني عن أهلي، وبالقليل من أجور المقالات، وفصول الكتب المترجمة، فقال المويلحي مبتسماً: إنه أولى بالوظيفة من أكثر « التنابلة» عندنا فشجعني ما سمعت على طلب الوظيفة في الديوان فطلبتها فأجيب طلبي لساعته، بغير امتحان وبدأت العمل فيه مساعداً لكاتب المجلس الأعلى بقلم السكرتارية.
وفي مكان آخر من كتابه « رجال عرفتهم» يقول العقاد: وتتابعت المناسبات التي كانت تدعوني إلى مراجعة المدير في بعض الأوراق، فلا أذكر أنني سمعت منه حديثاً غير الذي يصدر من مدير الإدارة إلا مرة واحدة كان الحديث فيها دائراً بينه وبين زواره حول مسألة تتصل بالسياسة وطلب الدستور فجرى ذكر الفيلسوف هربرت سبنسر وعلمت الوجيزة إليه أنه كان على إلمام بكتاب الإنسان والدولة على أن الأحاديث التي تتعاقب عن مسائل فنية، تتعلق بتحرير المذكرات وإملاء التوقيعات لا تخلو بطبيعتها من دلالة على مبلغ اقتدار الرئيس الإداري في فن الكتابة الأدبية، وكمل ما استحضره اليوم من إشارات المدير المجملة وتصحيحاته العاجلة، وتوقيعاته المبرمة، وأنها من إيحاء معلم في صناعة القلم على هينة فلا توقف ولا مشقة ... فكان على أناته في الحديث.
ومما رجع إليه في حكمه الفني -والديواني معاً- كلمة طال عليها الخلاف بين أنصار العرف الديواني والابتكار في أساليب الموظفين - فقد كان المألوف بعد إقرار المذكرة أن تذيل بكلمات قليلة لا تتغير لتوقيع المدير عليها ، وهي: محول على مجلس الإدارة أو «محول على المجلس الأعلى».
وخطر لأديب من أدباء السكرتارية أن يخرج على هذه الوتيرة حبا للتصرف الذي يليق بأمثاله ، وأنفةً من التقليد، الذي يلتزم الموظف العتيق. فذيل المذكرات المعروضة على الجلسة كلها بكلمة «محال على المجلس» ولم يذكر صفته اكتفاء بعنوان الديباجة . واحتكم المختلفون إلى المدير فكانت إحدى الفتاوى التي ظهر فيها صاحب، «عيسى بن هشام» من وراء صاحب العزة البيك المدير.
قال المويلحي: الحق بدلاً من صيغة «التحويل» فهي صحيحة مليحة. ولكن يخشى إذ قيل « محال على المجلس» أن يفهم المجلس أنها مستحيلة عليه. وتبتعد هذه الشبهة وذكرت محولجي الرصيف.
ثم سأل: ولماذا لا يذكر اسم المجلس الذي تحال إليه.
فقال صاحب التعديل: لأنه معروف من ديباجة العنوان.
فحكمت النكتة حكمها على صاحب عيسى بن هشام وقال الأديب المتحذلق .. هل نكتب على ظرف الجواب، ملق بما تقدم بدلاً من العنوان السابق فيما تقدم من الجوابات؟ أن الوثائق الرسمية لا تعرف الملل من التكرار، فاكتبوا اسم المجلس كاملا في ذيل كل مذكرة ولا تدشونا بمشكلة محول ومحال في جلسة أخرى فلا حرج من تكرار صحيح في أمثال هذه الأوراق.
هذا، ومن الطرائف التي يرويها محمد مصطفى الماحي، أنه عهد إليه تدوين محاضر جلسات مجلس الأوقاف الأعلى في سجل عام . فقام بهذا العمل غير أنه كان يشطب ويمحو فيه ما يشاء، فلما حضر الشيخ عبد العزيز البشري قدم إليه هذا السجل، وفيه ما فيه من مسح وتشوه فغضب الشيخ لذلك ثم حرر مذكرة ، ختمها بطلب فصل الماحي من الوظيفة ورفعها إلى رئيس القسم، فقال له المويلحي بعد أن اطلع على الصحف المشوهة: هل تعلم يا أستاذ من المخطئ فأجابه في دهشة: ومن غير هذا الفتى الذي لا يقدر المسئولية؟ فأجابه وعلى وجهه سمة الجد الممزوج بالسخرية، لا يا أستاذ لا مسئول غيرك، فقال متعجباً: كيف هذا وسوء عمله واضح، فأجابه بقوله: هذا شاب قريب العهد جداً بالمدرسة، ولا يدرك قيمة هذا السجل ، وأنت على الأقل لم تكلفه العمل أمامك لترشده ، أما هو فقد بذل أقصى جهده ليرضيك ثم قال ضاحكاً إنك انت الذي تستحق أن يخصم من راتبك خمسة عشر يوماً.
وعاد الشيخ عبد العزيز يقول له : وهو يدرك أنه إنما يقصد المزاح منه، وما الذي تشيرون به في علا ج الموقف؟ وهل هناك علاج سوى أن تعيد أنت بخطك الجميل نسخ جميع المحاضر في سجل جديد، ويكفي أن نرجو الباشا المدير أن يعيد التوقيع، ثم أردف قوله ضاحكا متهكماً، وفي هذا عقوبة كافية لك يا شيخ عبدالعزيز.
وأعاد الشيخ عبد العزيز البشري تسجيل المحاضر بخطة الجميل، ثم أراد أن يعاقب الماحي أدبيا بعد أن عجز عن عقوبته ماديا فقال:

يا ماحيا في الدفتر
ولا حسا للأسطر

أحسيت بيض صحائف
مزجت بذوب السكر

فلعقت منها جاهدا
في لهفة وتجبر

حتى غدت مشنوءة
وبدت بأسوأ منظر


فرد عليه الماحي بأبيات جاء فيها:

عذرا صديق إنني
عند الحقيقة مفتر

ما كان طعم الحبر يوما
سائغاً كالسكر

أين السواد من البياض
ولو بدا كالعنبر

ولقد تهيأ لي الرضى
فيما جرى من أسطر

فكتبتها متعجلا
يا ليتها لم تظهر

غلب النشاط رويتي
ولقد صدقتك فاعذر

يليه حلقه اخرى انشالله تعالى , والسلام عليكم[/frame]

 





  رد مع اقتباس
قديم 03-29-2005, 04:04 PM رقم المشاركة : 2 (permalink)
* * السنافي * *
عضو جديد
 
الصورة الرمزية * * السنافي * *





* * السنافي * * غير متواجد حاليآ بالمنتدى

Cool





اخي العزيز

المويلحي الصغير



يسلمووو & مشكووووور

على هذه المعلومات الجميله والرائعه

عن حياة السيد )*&*( محمد المويلحي )*&*(

ولك منى كل الشكر والتقدير






اخوك

* * السنافي * *

 





  رد مع اقتباس
قديم 01-03-2006, 05:39 PM رقم المشاركة : 3 (permalink)





زهرة الياسمين غير متواجد حاليآ بالمنتدى

افتراضي

يعطيك العافية يا المويلحي الصغير على هذي الافادة القيّمه ولك خالص الشكر

 





  رد مع اقتباس
قديم 04-02-2007, 02:34 AM رقم المشاركة : 4 (permalink)
مروق البال
عضو جديد





مروق البال غير متواجد حاليآ بالمنتدى

افتراضي

يعطيك العافية على المعلومات الجميلة

 





  رد مع اقتباس
قديم 04-04-2007, 08:12 AM رقم المشاركة : 5 (permalink)
المويلحي الصغير
المشرف العام
 
الصورة الرمزية المويلحي الصغير





المويلحي الصغير غير متواجد حاليآ بالمنتدى

افتراضي

مروق البال وزهرة الياسمين
شكرا لمروركم العطر وسعداء بتواجدكم معناااااااااااااا

 





التوقيع :



  رد مع اقتباس
قديم 04-17-2008, 11:19 PM رقم المشاركة : 6 (permalink)
سندريلا
عضو مميز
 
الصورة الرمزية سندريلا





سندريلا غير متواجد حاليآ بالمنتدى

افتراضي

[align=center]الله يسامحك يا اخي اول ما شت التاريخ 1858 م قلت اكيد يقصد هجري علي اقل تقدير..

حسبتك تتكلم عنك انت ..عمتا استمتعت بالقراة ولهالمعلومات القيمة ..

شكرا لك وبانتظار التكملة ..

ودي[/align]

 





  رد مع اقتباس
قديم 09-19-2008, 05:36 PM رقم المشاركة : 7 (permalink)





د ابراهيم المغيربي غير متواجد حاليآ بالمنتدى

افتراضي

رجال نفخر بهم جميعا بارك الله فيك

 





  رد مع اقتباس
قديم 09-29-2009, 02:06 AM رقم المشاركة : 8 (permalink)
وكيل المويلح
ـــــــــــ
 
الصورة الرمزية وكيل المويلح






وكيل المويلح غير متواجد حاليآ بالمنتدى

افتراضي

محمد المويلحي .. يمتاز أدبه بصفاء الديباجة ونصاعة اللفظ وتلاحم النسج
أحمد فؤاد أمين *
تعتبر أسرة المويلحي من اعرق البيوت الادبية ونبغ فيها إبراهيم المويلحي ومحمد المويلحي الذي نتحدث عنه في هذا الموضوع.
والمعروف انه ظهرت لإبراهيم ميول أدبية منذ نعومة اظفاره فلما بلغ طور الشباب كان كاتباً كبيراً واصدر (مصباح الشرق) التي كانت من كبريات الصحف في بداية القرن العشرين وحرر فيها ابنه (محمد المويلحي) الذي بزغ نجمه ولمع اسمه على صفحاتها ونشر فيها كتابه المشهور "حديث عيسى بن هشام" منجماً على فترات.
ويعتبر محمد المويلحي كأبيه دعامة قوية من دعامات الادب في العصر الحديث، ويمتاز ادبه بصفاء الديباجة ونصاعة اللفظ، وتلاحم النسج الا انه يجنح في اسلوبه الى السجع على طريقة القدماء، ويحرص على الموسيقى اللفظية حرصاً شديداً وتنساب الصور والتشبهات في اسلوبه معبرة مثل قوله في وصف الصباح: "جلسنا نتجاذب اطراف الحديث من قديم في الزمان وحديث: الى ان صارت الليلة في اخريات الشباب، واستهانت بالازرار والنقاب، ثم دب المشيب في فودها، وبان اثر الوضح في جلدها، فعبثت بالعقود والقلائد من الجواهر والفرائد، ونزعت من صدرها كل منضود ومنظوم، ومن در الكواكب ولآلئ النجوم والقت بالفرقدين من اذنيها وخلفت الثريا من يديها، ثم انها مزقت جلبابها، وهتكت حجابها وبرزت للناظرين عجوزاً شمطاء ترتعد متوكئة عصا الجوزاء، وتردد آخر انفاس البكاء، فسترها الفجر بملاءته الزرقاء، ودرجها الصبح في ارديته البيضاء، ثم قبرها في جوف الفضاء وقامت عليها بنات الهديل نائحة بالتشييع والترتيل، ثم انقلب المأتم في الحال عرس اجتلاء، وتبدل النحيب بالغناء لإشراق عروس النهار واسفار مليكة البدور والاقمار".
فالمويلحي في هذه العبارة يشبه الليل بعجوز اشتعل رأسها شيباً فخلعت حليها وجواهرها، وهي هذه النجوم المتألقة المتلألئة على صفحة السماء، ومزقت ثبابها السوداء وهي هذه الظلمة التي تلفها لفاً حتى طواها الصبح بنوره المشرق وضوئه الغامر، والصورة تمثيلية جميلة ساحرة لو نظرنا الهيا من زاوية الجمال واسلوبها عذب رقيق لو قسمناه الى الاساليب الأخرى الموجودة في هذه الفترة من الزمان.
وقد عني المويلحي عناية خاصة بتربية النفس وتثقيفها، وكتب مجموعة من المقالات في تهذيب النفس ورياضتها، وحثها على استكمال حاجتها من الاخلاق الفاضلة والتربية القويمة ونشرت بعد ذلك في كتابه الذي اطلق عليه (علاج النفس).
ومن الموضوعات التي تناولها المويلحي في علاج النفس (الغضب) فهو يعتقد انه كم فتح ابواباً للسجن ونصب اعواداً للصلب، وفتل حبالاً للخنق، وبسط النطع، اوسل السيف، واضرم ناراً للحرب، وقد يقهر العقل آفات النفس ورذائلها، الا الغضب فإنه يستر العقل ولا يتغلب على ظهوره شيء بل تراه يشق الجسم ويبرز شاكي السلاح، فيقطع اواصر القرى ويفصم عرى الامامة والنبوة، فالغضب كالحرب اولها شرارة، ثم يكون منها ما يهول سماعه، او يغول منظره، ولهذا يمكن العاقل بادىء الامر ان يطفئ تلك الشرارة ولكن يتعذر عليه ان يطفئ نار الغضب اذا هي شبت واستقرت.

نصائح علاجية
ويصف المويلحي بعد ذلك مظاهر الغضب في بعض النفوس ويروي ان احد ملوك اليونان كان يغضب على البحر اذا اهتاج واضطرب وتأخرت سفنه عن النفوذ فيه، فيقسم ليطرحن الجبال فيه حتى تصير أرضاً ويقف على الشاطىء يهدد الامواج ويزجرها، وهذا اللون من الغضب ينشأ عن الترف والنغمة، ولذلك فإن المويلحي يدعو الى تربية الجسم والنفس بالرياضة، والتخشن كما ينصح الغضبان ان يقف وقفة في غضبه فإذا وقفها وكان ممن يفتكر ويتدبر، خف غضبه ثم زال ولا تعتقد أنك تستطيع ان تنزعه من يد الغضب دفعة واحدة فذلك ما لا سبيل اليه وانما يزول الغضب شيئاً فشيئاً حتى يذهب أثره.
وتأثر المويلحي في ادبه ببعض الاعلام الذين اهدى اليهم كتابه "حديث عيسى بن هشام" وهم الاديب الوالد ابراهيم المويلحي وفيلسوف الإسلام الحكيم جمال الدين الافغاني والامام العالم محمد عبده، واللغوي الشنقيطي والشاعر البارودي، وارسل اليه السيد جمال الدين الافغاني رسالة جاء فيها: "ان تقلبك في شؤون الكمال يشرح الصدور الحرجة من حسرتها، وخوضك في فنون الاداب يريح قلوباً علقت بك آمالها، وليس بعد الارهاص الخارق الا الاعجاز، ولك يومئذ التحدي. ولقد تمثلت اللطيفة الموسوية في مصر كرة أخرى وهذا توفيق من الله تعالى فاشدد أزرها، وابرم بما أوتيت من الكياسة والحذق امرها حتى تكون كلمة الحق هي العليا، ولا تكن كالذين غرتهم انفسهم بباطل اهوائها، وساقتهم الظنون الى مهوى شقائها، وحسبوا انهم يحسنون صنعاً، ويصلحون امراً ولكن عوناً للحق ولو على نفسك، ولا تقف في سيرك الى الفضائل.. لا نهاية للفضيلة ولا حد للكمال، ولا موقف للعرفان، وانت بغريزتك السامية أولى بها من غيرك والسلام".
واحتفظ المويلحي بهذه الرسالة بخط يد الأستاذ جمال الدين الافغاني ونشرها في صدر كتابه "حديث عيسى بن هشام" واهداها الى جماعة اهل الفضل والادب لما تضمنته من طلب العلم وادب النفس ولحسن اسلوبها في كتب المودات.
ويعتبر كتاب "حديث عيسى بن هشام" من اطرف الكتب في الادب العربي اذ تناول المؤلف فيه نقد المجتمع والعادات والتقاليد، ورسم لنا فيه صورة واضحة عن الاحوال الاجتماعية في البلاد، وعن المحامي الاهلي، والدفتر خانة الشرعية، وارباب الوظائف، والاعيان، والشرطة والتجار، والعمد في الريف، وما الى ذلك من موضوعات وجاء في اوله:
مواعظ وعبر
"بينما انا في هذه المواعظ والعبر وتلك الخواطر والكفر اتأمل في عجائب الحدثان واعجب من تقلب الازمان مستغرقاً في بدائع المقدور مستهدياً للبحث في اسرار البعث، والنشور اذ التفت التفاتة الخاطف المذعور، فرأيت قبراً انشق من تلك القبور، وخرج منه رجل طويل القامة، عظيم الهامة، عليه بهاء المهابة والجلالة، ورداء الشرف والنبالة، فصعقت من هول الوهل والوجل صعقة موسى يوم دك الجبل...".
ثم دار الحوار بين الطرفين كما يلي:
- ما اسمك أيها الرجل وما عملك؟ وما الذي جاء بك؟
- اسمي عيسى بن هشام وعملي صناعة الاقلام وجئت هنا لاعتبر بزيارة المقابر فهي عندي اوعظ من خطب المنابر.
- واين رواتك يامعلم عيسى ودفترك؟
- انا لست من كتاب الحساب والديوان ولكني من كتاب الإنشاء والبيان.
- لا بأس بك فاذهب ايها الكاتب المنشىء فاطلب ثيابي وليأتوني بفرسي (دهمان).
- وأين ياسيدي بيتكم فإني لا أعرفه؟
- (مشمئزاً) قل لي بالله من أي الاقطار أنت، فإنه يظهر لي انك لست من اهل مصر، اذ ليس من القطر كله من يجهل بيت احمد باشا ناظر الجهادية المصرية.
- اعلم ياسيدي انني رجل من صميم اهل مصر ولم اجهل بيتك الا لأن البيوت في مصر اصبحت لا تعرف بأسماء اصحابها بل بأسماء شوارعها وازقتها فإذا تفضلت واوضحت اسم شارع بيتكم وزقاقه ورقمه انطلقت اليه واتيتك بما تطلبه.
- ما اراك ايها الكاتب الا ان بعقلك دخلاً فمتى كان للبيوت ارقام تعرف بها وهل هي (افادات احكام) او (عساكر نظام) والاولى ان تناولني رداءك استتر به حتى اصل الى بيتي.
وبهذا الاسلوب اخذ المويلحي ينتقل من موضوع الى موضوع ومن ظاهرة الى ظاهرة ومن غرض الى غرض، قائداً للمجتمع، هادفاً للاصلاح. الا انه عندما وصل في حديثه الى الاهرام وقف موقف الجلال والاعظام فمضى يصفها بقوله:
"وقفنا هناك الاجلال والاعظام، قبالة ذلك العلم الذي يطاول الروابي والاعلام، والهضبة التي تعول الهضاب والآكام، والبنية التي تشرف على رضوى وشمام، وتبلى ببقائها جدة الليالي والايام، وتطوي تحت ظلالها اقواما بعد اقوام، ويفني بدوامها اعمار السنين والاعوام. خلقت ثياب الدهر وهي في ثوبها القشيب، وشابت القرون واخطأ قرنها وخط المشيب. ما برحت ثابتة تناطح مواقع النجوم، ونسخر بثواقب الشهب والرجوم. وتحدث حديث المشاهدة والعيان، ما تعاقب الفتيان، وتناوب الملوان، عن قدرة هذا الإنسان في بدائع الصنع والاتقان. وتنبئ عن قوة هذا الضعيف الضئيل، في اقامة مثل هذا الاثر الجليل. وكيف لهذا الغاني البائد، ان يصدر عنه مثل هذا الباقي الخالد. وجل صنع القدير الخالق، في تصوير هذا الحيوان الناطق.."

الصراع الخفي
وطاف محمد بكثير من بلاد أوروبا، اما موفداً من أبيه في بعض مساعيه، واما متفرجاً متنزهاً. وكذلك وصف مؤتمر باريس عام 1900في مقال بارع بديع كان ينشر منجما في مصباح الشرق. وطاف بسوريا وزار المدينة المنورة، ووصف القبر الشريف احسن وصف وابدعه ونشره في جريدة المؤيد. وكان يحب النكتة البارعة ويجتمع دائماً بمن حذقوا هذا الفن، ولا تكاد تسقط النكتة من فم غيره حتى يتولاه بالتخريج والمط والتلوين فما ينتهي احد في ذلك منتهاه.
وانتقل محمد المويلحي الى رحمة الله عام 1930، ولا تزال كتاباته تفتن الناس فتوناً شديداً، كما لا تزال قصة ذلك الصراع الذي دار بين والده ابراهيم وبين الشيخ علي يوسف، عالقة بأذهان الشيوخ من الناس، وخلاصتها ان والده ابراهيم انتقد الشيخ علي يوسف انتقاداً مراً لزواجه من سيدة لا تتكافأ مع أسرته ونشر عدة مقالات في هذا الصدد، وصادف ان التقى محمد نشأت بمحمد المويلحي في حانة "وركوس" وتعدى المويلحي على نشأت وسب اباه، فما كان من الشاب الموسر الا ان صفع المويلحي على خداه، وذاع صيت هذه اللطمة في الاوساط الادبية في مصر، واتخذها الشعراء والادباء مادة للسخرية والتندر على المويلحي وفي مقدمتهم الشاعر اسماعيل صبري. ونشرت المؤيد هذه الاشعار والمقالات واطلقت على العام الذي نشر فيه هذا الادب وهو عام 1902اسم "عام الكف". ومن قول اسماعيل صبري:
اذا فتح العداة عليك حربا
وخفت بوادر المتحزبينا
فقل ارفع عقيرة من ينادي
فلا يجد المؤازر والمعينا
اعرني يا ابن إبراهيم صدغا
اخوض به غمارا الصافعينا
فإن هو قد اعارك ما ترجي
رأيتهمو امامك هاربينا
كما هرب الفتى الصفاع يوماً
أمام الكاتب بن الكاتبينا
وقال كذلك بعنوان النصيحة:
ياابن الألى رسخت احلامهم ورست
اذا الاكف مجانين مهاويس
لا تدخل الحان والصفاع تأثرة
حتى تقام حواليك المتاريس
وقل لصدغك يستقبل وفودهمز
بالباب انهمو قوم مناحيس
وقال كذلك:
قفاك محمد نعم السلاح
اذا التف بالعسكر العسكر
وصدغك ان نقر الناقرون
عليه يرن ولا يكسر
ومن هنا شب الخلاف بين أسرة المويلحي وأسرة الشيخ علي يوسف الذي لم يدخر وسعاً في التحرش بالمويلحي على صفحات جريدته "المؤيد" فكان ينشر المقالات تلو المقالات لمهاجمة "المويلحيين" الصغير والكبير. وان هذه الحادثة اشبعت الصحف بمقالات نزالية جريئة كانت حديث الناس في تلك الآونة من الزمان. ولا تزال مادة خصبة لمؤرخي تاريخ المقالات النزالية للباحثين الآن.

*وكالة الأهرام للصحافة
(ينشر بترتيب مع وكالة الأهرام للصحافة)

المصدر | جريدة الرياض الجمعة 05 صفر 1425 هـ.

 





  رد مع اقتباس
قديم 05-21-2011, 03:28 AM رقم المشاركة : 9 (permalink)
القلعة
المدير العام
 
الصورة الرمزية القلعة





القلعة غير متواجد حاليآ بالمنتدى

افتراضي

من رسائل المويلحي الرائد الأول للقصة المعاصرة

محمد رجب البيومي

تاريخ النشر: 28/06/2010
اقرأ للكاتب
(كبرياء الألم)


حين انتقل الكاتب الكبير الأستاذ محمد المويلحي إلى رحمة ربّه , رثاه أحمد شوقي بقصيدة قال فيها :
عجِب الناس من طباع المويلْحيّ وفي الأُسْد خلقه وطباعه
فيه كبر الليوث حتى على الجوع وفيها إباؤه وامتناعه
يا وحيد الكأس في كسر بيت * ضيق بالنَزيل رحب ذراعه
كل بيت تحلّه يستوي عندك في الزهد ضيقه واتساعهُ
ورثاه حافظ إبراهيم بقصيدة قال فيها :
كنت نعم الصبور إن حزب الأمر وسُدَّت مسارح الأسباب
مؤثر البؤس والشقاء على شكوى وإن عضك الزمان بناب
وترى وحشة انفرادك أنساً * بحديث النفوس والألباب
ونبذت الثراء تبذل فيه * من إباء في بذله شرّ عاب
ورثاه خليل مطران بقصيدة قال فيها :
كان بالنفس يكتفي عن عباد الله ما يستطيع أن يتفرّد
ليس فيه عُجْب وإن كان في ظاهره العُجْب , والفتي , ماتعود
بيته ضيق ولكنه من عزة النفس في طراف ممدَّد
رحم الله في الرفاق رفيقا * كل يوم مكانه يُتَفقَّد !
وهكذا اجتمع الثلاثة الكبار في تصوير هذه العزلة القاسية التي ظلت قرابة خمس عشر عاما ديناً لكاتب كان الأول بين كُتاب عصره في رأي الكثيرين , وغريب أي غريب أن تموج الدنيا بالأحداث فتشب الحرب العالمية الأولى حادّة ماحقة , وتقوم الثورة المصرية سنة 1918 هائجة مائجة , وتمتلئ الصحف والمجلات بآثار الأدباء والمتأدبين , ويظهر على مسرح السياسة كُتاب يفخرون بالتلمذة الدائبة على أدب المويلحي , والأستاذ صامت لا يُبن !
كان المويلحي الغلام والشاب مُمَتَّعا بفيض من النعيم , إذ نشأ نشأة الأثرياء المترفين , وعين في وظائف حكومية أضافت الطريف إلى التليد , ثم انعكس الحال فبيعت كثرة ما يملك أبوه من العقارات , وفقد وظيفته الكبيرة في إدارة الأوقاف فجأة , وتذاءب القائمون على استثمار البقية من ممتلكاته فلم يوفوه حقه , فاضطر إلى الانزواء في منزله قانعا بالكفاف , وكان في معارفه من كبار رجال الدولة من يستطيع إسعافه بمنصب يسعده لو عرض بالرجاء , ولكنه ترفع وتأبى , وأخذ يعالج حياته على المتاح النزر من مورده , وإذا كان مظهره الشخصي يتطلب الإنفاق خارج المنزل في مجالس السمر , فليكف عن هذه المجالس , ولتكن الحدة القاسية معتصَمه الضروري , ولا بد أن يكون ذا سيطرة خارقة على نفسه , حتى استكانت للتفرد , وقنعت بالاعتزال .
قد يقال ولكن هل تمنع العزلة المتفردة أدبيا كبيرا أن يسطر ما يجيش به صدره من الخواطر ؟ إن المويلحي قارئ مستوعب لم ينقطع عن الاطلاع في غير أوقات المرض , وهو كاتب اجتماعي سياسي وناقد أدبي , وقد طارت شهرته في هذه الأغراض قبل أن يكتهل , أفحين تشب الحرب وتصطلي مصر بنارها المحرقة إذ كانت جيوش الاحتلال حينئذ تهيم بها ناهبة غاصبة , ثم حين تندلع ثورة الأمة بقيادة سعد , فترتجّ الأرض رجًّا بما يسيل من دم الشهداء , ويمزق من أجساد الأبرياء , ويعتقل من شباب الأمة وشيوخها , أحين يحدث ذلك كله يحجم الكاتب الكبير عن قيادة قومه بالرأي كما كان يفعل في أيام كرومر وغورست ؟! هذا سؤال قد تتعذر الإجابة الشافية عنه ! وإخاله رأى في تطاحن الأحزاب , وتشاجر الزعماء ما دفع به إلى السأم ! بل إخاله رأى بين من اتخذوا الكتابة السياسية وسيلة للظهور الكاذب دون اقتناع بالوجهة الصحيحة نفرا ملئوا الصحف , وطارت لهم شهرة , وحسبوا أنفسهم على شيء , وهو بميزاته الخاصة يعلم أنهم هباء , فربأ بنفسه أن يجري معهم في شوط , وللحمية الأدبية عزة دونها حمية الجاهلية في القديم , ولكنها مع ذلك شيء ملموس أحس به من قال :
وتجنبَتِ الأسودُ ورودَ ماء * إذا كان الذئاب ولغن فيه !
هذا افتراض يساق , وليس دليلاً يبرهن .
(رسائل المويلحي)


كتاب (حديث عيسى بن هشام) وكتاب (علاج النفس) هما أثرا المويلحي المجموعان في حيز مستقل , وقد تحدثت عنها في غير هذا المكان , ثم سعدت بقراءة بعض رسائله التي اهتم بتدوينها بعض الدارسين , فرأيت أن تكون مجال الحديث عنه اليوم , والمويلحي منذ عرف رسالة القلم , وحمل أمانته قد اشرأب إلى مراسلة الرءوس من ذوي المكانة , وقد كان جمال الدين الأفغاني ألمع مفكر في عصره ، لا لأنه عرف من العلم ما لم يعرفه سواه , بل لأنه ترجم العلم إلى عمل حي متوثب , فقد قرأ على طلابه بمصر دروس الفلسفة ليشرئب بعقولهم إلى آفاق الحرية , وليؤكد كرامة الإنسان في حياته , ومن هنا تحول الطلاب إلى دعاة حرية , وجنود استقلال فهبت العواصف في كل مكان على الاستعمار , وزاد جمال الدين توهجا وبريقا , وكان صديقا لابراهيم المويلحي والد الكاتب الناشئ محمد المويلحي , فأراد الشاب الطامح أن يشد أواصره بزعيم الحرية في عصره فأطلعه على بعض ما يكتبه في الصحف , راجيا أن يظفر بتنويه يشجع , أو تصويب يسدد , ولم تُلْهِ السيد الأفغاني شواغله الجمة عن كتابة رسالة معبرة مزكية , كانت موضع الزهو من الأديب الناشئ والارتياح من والده وعمه وهما من نابهي العصر ! فحرص على إذاعتها , ونشرها في صدور الطبعة الأولى من (حديث عيسى بن هشام) بعد خمس عشرة سنة من كتابتها , قال في تقديمها :
"أهدي هذه الرسالة التي اختصني بها المرحوم الأستاذ جمال الدين الأفغاني بخطه الكريم منذ خمس عشرة سنة , إلى جماعة أهل الفصل والأدب , لما تضمنته من الحث على طلب العلم , وأدب النفس , ولحسن أسلوبها في كتب المودات , وهي لا تزال عندي إماما يهديني , ونورا استضيء به , فأردت أن أشاركهم في هذه الذخيرة التي يحق الضن بها , والحرص عليها , ونقلتها هنا بصورة خطه الشريف , تخليدا لأثر تلك اليد الكريمة . وإذا قدَّرنا أن الشرقيين يتنافسون تنافس الغربيين في اقتناء الرسائل , التي تكون قد صدرت عن بعض عظماء الرجال بخطوطهم , ويتسابقون إلى الحصول على بعض أدوات كتاباتهم , ويبذلون في سبيل ذلك من الأموال والمساعي ما لا يقدَّر فإني أكون قد أهديت لأهل الفضل هدية يعتدون بها , ويتقبلونها بالقبول الحسن إن شاء الله" .
(رسائل الأفغاني)


وإذا كان المويلحي قد حرص على تسجيل رسالة الأفغاني اقتداء بتنافس الأوربيين من تخليد رسائل ذوي الفضل , فإنني - مع هذا المنطق الصحيح - أحرص على إذاعة بعض الرسائل التي كتبها المويلحي نفسه , لأن ريادته الأدبية في عالم الفكر المعاصر تجعل آثاره مما يصان ويحفظ ! وقد كتب إلى جمال الدين الأفغاني , وهو في سن العشرين رسالتين تنبئان عن مجد أدبي أشرق فجره , وبدت تباشيره , وعلى القارئ أن يدرك حقيقة الأسلوب الأدبي للكتابة سنة 1884 من الميلاد , ليعرف كيف اجتاز الأديب الناشئ أوهاق المحسنات اللفظية , وخدع التعبيرات الشكلية ليعبر عن الحقائق تعبير البياني الأصيل , وقد كان الأفغاني محارَبا مضطهداً , لا يكاد يستقر في بلد حتى يزعَج إلى الارتحال مرغما , وقد عميت الأنباء عن موطنه حقبة من الزمن , ثم عرف المويلحي أنه مقيم في بطرسبرج بروسيا , فكتب إليه رسالة قال فيها – ببعض الاختصار : "شيئان في هذا العالم - أيها الفيلسوف - يقصر فكر العالم الراسخ في العلم دونهما , ويقف الباحث المدقق موقف الحيرة في أمرهما , ويرجع المستقصي لماهيتهما ساخطا على مبلغ علمه , متجهما في وجه عقله , مستصغرا ما استعظمه من قدر نفسه , أولهما كنه القوة التي تدفع كرة الأرض حين دورتها حول الشمس , وعلة النظام الذي ما خرجتْ عنه مدى الدهر في كل يوم وأمس , وثانيهما كنه همتك حين تدور بك في عين تلك الكرة , قاطعا مفاوزها , طاويا فيافيها وفدافدها , سالكا في مغالقها , مطقا مغاربها بمشارقها .
إذ جارتك شهب الليل قالت : * أعان الله أبعدنا مرادا
وحتى كأنك استصغرت الأرض دارا وعزمت أن تهدي النجوم منك فرارا ، فلذلك قادتك همتك السيارة في أنحاء الأرض تبتغي أقرب نقطة إليها مطلعا , وأسهل موضع تنتجه لك مصعدا , وأقسم لو أن النجوم ذوات عقل لعقدت لك من أشعتها سلما , ولانخفضت من منازلها لترتفع بك عقدا على نحرها منظما , فتنال بها من مسافة المجد أقصاها , ومن نهاية الرفعة أعلى رتبة وأسناها" .
مرة أخرى أذكّر أن الأسلوب أسلوب ناشئ في حدود العشرين , وأن الزمن زمن العبث بالمحسنات , وقد استطاع الأديب الواعد أن يعلو على أمراض الكتابة في عصره وعمره , فكتب هذا الذي اقتبست بعضه وتركت أكثره , وأول ما نلحظه فيما نلقاه أن الشاب الواعد كان ذا فكرة محددة يدور حولها وكان صاحب ريشة مصورة تظهر هذه الفكرة في سياق من التشبيه المحكم ذي الوجوه الشتى , والالتقاءات المتقاربة , كما كان صاحب تعبير ناصح يلقى بالمراد , سافرا لا يحجبه نقاب ! وإذا لم يكن هذا كله أضواء فجر , وتباشير شروق فماذا يكون ؟
(إلى سعد زغلول)


زعيم مصر الخالد سعد زغلول ذو مكانة أدبية تعدل مكانته السياسية فقد كان محررا في يفاعته بمجلات كثيرة , واشترك مع محمد المويلحي في الثورة العرابية ، ثم تفرقت بالصديقين السبل ، حيث اتجه سعد إلى القضاء ومسائل الفقه والقانون ، واتجه الموليحي إلى إيقاظ الوعي اجتماعيا وسياسيا بما ينشر من حديث (عيسى بن هشام) , ثم اختير سعد وزيرا للمعارف فكتب له المويلحي خطابا مهنئاً ومزكيا ومقترحا , مؤكدا رجاء الأمة في علو همته , وما تتوقعه من أفضاله , وقد تأثر سعد بخطاب صديقه حتى بكى خشية ألا يكون عند حسن الظن به , وتفرقت السبل بالصديقين مرة أخرى , فعكف المويلحي في عزلته صامتا عازفا . وأصبح سعد زعيم الأمة ورئيس الوفد والوزارة فهاجت مشاعر الصديق القديم , وكتب إلى الزعيم رسالة قال فيها :
"ذكرت اليوم خطابي الذي أرسلته إليه منذ أعوام كثيرة أهنئه فيه بتوليه نظارة المعارف , وكنت بسطت ما أعلمه من عظيم فضله , وجليل قدره , وما يتوسمه أهل النظر في علو همته لخدمة أمته , وأذكر أني قابلته بعد ذلك في مجلس من مجالسنا الماضية , فتفضل علي بأن أظهر لي حسن وقع الكتاب لديه , وأنه أثر في نفسه تأثيرا دفعه إلى البكاء , فصرفت ذلك حينذاك إلى أن عبارة الكتاب أثارت في نفسه ثائرة الهمة للعمل بما ينفع الناس , ثم أحس بما كان يعترضه في ذلك المركز من الحصر والتقييد , وضيق المجال عما يتسع له فضله من جلائل الأعمال وعظيم الأمور , وجاش صدره فأجهشت بالبكاء عينه , فكان مثله مثل الفارس مقيدا في الإسار , والجواد مشكولا في المضمار .
وأتعبُ خلقِ الله من زاد همه * وقصَّر عما تبتغي النفس وُجده
وقد دارت الأيام وسمحت الأقدار , فصدق فيه القول , وتحقق الظن ، واجتمعت الأمة على فضله وألقت بمقاليدها إليه ، ولم يبق أمامه من حائل دون العمل بفضائله ومواهبه في حلبة النفع العام , فإذا أنا تقدمت إليه اليوم بالتهنئة , فإنما أتقدم له بتهنئة كلها هناء وصفاء لا محل فيها للألم والبكاء ، فقد اجتمع لك العقل والفضل , والحل والعقد ، لولا إشفاق الناس عليك مما في دور العمل هذا من التعب والنصب واحتمال المشاق , إلا أن الرئيس الجليل ظهر للناس بأنه يستعذب الآلام في خدمة أمته , فيجتهد لتنعم ، ويشقى لتسعد ويسهر لتنام , فما يراه غيره عذابا أليما , يجده في حبها نعيما مقيما , وقد قال أحد طلاب المعالي في الزمن الخالي :
سبحان خالق نفسي كيف لذتها * فيما النفوس تراه غاية الألم
فليتقدم الرئيس بعون الله إلى احتمال المكاره في سبيل حل المشكلات , وفك المعضلات , فله في كل معضلة لذة ، وفي كل مشكلة نشوة , وللأمة المصرية من عزمه ما يكفل تيسير العسير , ويضمن حسن المصير إن شاء الله" .
والرسالة لا تقتصر على التهنئة كما يرى القارئ بل تدفع إلى مواصلة الجهد الدائب في سبيل الرقي التام للأمة , وقد كانت الموازنة بين سعد الوزير في العهد السالف - وسعد الزعيم في العهد الحاضر مما يفسح باب الأمل في نفوس الناس جميعا , وهو ما عرفه المويلحي فأجاد التعبير عنه إجادة السياسي الحصيف ، وهو ما التفت إليه سعد زغلول التفاتا قويا حين كتب ردا أخويا على رسالة المويلحي فقال :
"تناولت بيد الشكر كتابك , وراقني منه أدبك الغزير , وإخلاصك الوافر , أما استحضارك للماضي بمصاعبه ، وتفاؤلك بالمستقبل مع ما وقع من متاعبه ، فقد صادف مني قلبا واعيا , ونفسا راضية , وإما إشفاقك على صحتي لقيامي بالواجب ، ملبيا في ذلك داعي الوطن ، فقد قلت وقولك الحق : إنني ممن يستشعر اللذة بالألم , ويجد الراحة في التعب , في سبيل بلادي , فلها ما عشت قوتي وحياتي . أسأل الله السداد في الرأي , والصواب في العمل , وأن يسمعني عنك ما يُسر له خاطري , وتطيب به نفسي والسلام عليك ورحمة الله" .
(إلى عبد السلام المويلحي)


هذا البطل السياسي الكبير كان علما من أعلام المجلس النيابي في عصره , إذ رأس المعارضة الوطنية في وجه الأجانب وتقدم برغبات الأمة في خطب رنانة سجلتها صحف التاريخ السياسي كما بسط مقالات انتقادية وتصور حقوق المهضومين من أبناء الشعب , وترسم غطرسة الصغار من الدخلاء الذين يترأسون الإدارات الحكومية دون كفاءة , وقد كان يأخذ على ابن أخيه (محمد المويلحي) هنات يسيرة يرى فيها اندفاعا لا يحمد , ثم رأي أن يصفح عنه , فأرسل له , وكان بالأستانة , هدية رمزية ومعها خطاب يعلن رضاه ، فتأثر محمد المويلحي بموقف عمه منه وكتب إليه رسالة قال فيها :
"وصلتني هديتك , وجلُّ ما سرني منها العناية بي من مرسلها , وإني أهديك أعز شيء عندي بعدك , وأنفس حاجة لدى بعد نفسك , وهي نفسي , تتصرف فيها كيف أردت , وما أشك في أنك تعيرها قبولا جميلا , بعد أن صقلتها الحوادث والتقلبات , وهذبتها يد العلوم واللغات , فصارت جديرة بعنايتك , وأهلا لرعايتك , وهي ليست نفس محمد الذي كان بمصر يلعب به دم الشباب , فيحيد في سيره عن الصواب , ويجوز عن خط ترسمه يد حكمتك أحيانا , ليس عمدا لكن ذهولا ونسيانا ، ويعمل الخطأ على أنه يعلمه ويتسبب في نفورك , وكان ذلك يؤلمه , فالشكر لك يا والدي على تغاضيك عن سوء أفعالي تلك المدة , والحمد الله على عدم استعمالك الغضب والشدة , فقد علمت أن استعمالها وأنا في نار الشباب لا يفيد نفعا , وإنما يزيدها اشتعالا وحقدا , ورأيتَ بعد أن علمت سلامة قلبي أن معاملتي بالحلم والتغاضي , توجب لي أسفا وندما يقومان مقام التأديب , ويغنيان عن الترهيب , وحاشا لك أن تخطئ ، فقد نجح معي هذا العلاج , وعملتُ بما نصحتني به يوم سفري , فجهدت في تحصيل ما يجعلني جديرا بك , وما يغفر لي لديك ما تقدم من ذنبي ، فاقبل هذه النفس التي صنعتها بيديك , فهي هديتك عندي , لا بل هي أمانتك ردت إليك والسلام" .
(رسالة إلى الأمة)


بعد خمس سنوات من اعتزال المويلحي في صومعته , جد من الأحداث السياسية ما أثار خواطره , وقلقل أمنه , فرأى أن يبعث إلى الأمة المصرية رسالة ناصحة حين تأزمت الأمور بين انجلترا وزعماء مصر , وقامت الثورة الدامية في كل إقليم وكانت مفاجأة كبرى للذين تلمسوا صوت الكاتب الكبير عدة سنوات فلم يسعدوا به , حتى إن جريدة الأهرام بادرت بنشر الرسالة في صدر الصفحة الأولى تحت عنوان (صوت من العزلة) ، ولم يشأ الكاتب أن يتأنق في أسلوبه البياني كعادة القراء به , بل جعل الرسالة خطبة منبرية , تمس القارئ العادي ببساطتها الواضحة , لأن حرارة الصدق أقوى من خلابة البيان مهما كان الأسلوب تقريريا مباشرا يتجلى في مثل هذه العبارات :
"اليوم لا رئيس ولا مرءوس , ولا سعد ولا عدلي , ولا مشارب ولا مذاهب , بل كل مصري رئيس نفسه , وصاحب أمره , وخادم أمته , فيكون الفرد كأنه أمة , والأمة كلها فرد واحد , اليوم يبتسم فيه السيد جمال الدين في قبره ابتسامة الرضى والاغتباط إذ يرى المصريين جميعا على كلمة واحدة , فإنه رحمه الله لم يقل كلمته المشهورة : (اتفق المصريون على ألا يتفقوا) إلا من باب التوبيخ لا من باب التقرير , ومن جهة التقريع لا من جهة التشنيع , ليستثير بها الهمم , ويستفز العزائم " . والرسالة مسترسلة تمضي لغايتها في حمية وإخلاص .
(رأي العقاد)


حين انتقل المويلحي إلى رضوان ربه , وفّاه كبار الشعراء حقه من التأبين على حين سكت كبار الكتاب وكلهم تلاميذه من أمثال الرافعي والمازني وهيكل وطه حسين ، وهو تقصير تلافاه الأستاذ عباس محمود العقاد إذ شيع الراحل الكريم بمقال تحليلي قال فيه تحت عنوان (كلمة تقدير) :
"المويلحي ذو فضل في عالم الأدب الحديث لا ينكر , وصاحب مكان في كتابة العربية لا ينسى , مادام للكتابة العربية في جيله خبر يذكر , فهو بداية المستقلين في الأدب المنثور , والرائد السابق في طليعة الكتاب الذين أخذوا يكتبون , وهم يعنون ما يكتبون , ويتناولون القلم ليسطروا شعورا يحسنونه ، أو رأيا يفقهونه , فإذا ذكرنا ذلك الزمان , والزمان الذي سبقه , وأحضرنا في أذهاننا مثلا مما يُكتب فيه ويحفظ ويستحسن , فإننا حريون أن نعرض للمويلحي قيمة استقلاله , وأن نزرع الخطوة التي خطاها بالكتابة العربية في زمانه , حسب الكاتب في عصر التقليد أن يكون مستقلا في أسلوبه , وحسب الكاتب المستقل أن نرى فيه نموذجا واضحا حقيقا بالتسجيل في الأدب والتاريخ , فإذا سألتني عنه , أي نموذج هو ؟ أجبتك بإيجاز هو نموذج ابن البلد القاهري في أواخر عهد الظرف البلدي وفي أوائل عهد الحضارة الأوروبية , وهو أحد الأدباء القلائل الذين علموا الناس في جيلهم وظيفة الكاتب , وأفهموهم بالقدوة الماثلة أن للأديب منزلة غير منزلة النديم أو الطفيلي , أو مضحك المجالس والأعراس" .
وكلام العقاد يضع المويلحي الرائد موضعه الصحيح .
المصدر: مجلة الهلال 12/1995.

 





  رد مع اقتباس
قديم 06-04-2011, 03:44 PM رقم المشاركة : 10 (permalink)
خليل المويلحي
نائب المدير العام






خليل المويلحي غير متواجد حاليآ بالمنتدى

افتراضي

تعليق لا بد منه على المقال المنشور في جريدة الرياض بتاريخ 5 صفر 1425
لم يعتد محمد المويلحي على محمد نشأت ولم يسب أباه. هذه مغالطة تاريخية ولم يكن من شيم المويلحي السب.
وسبب الحادث أن المويلحي كان يسمي محمد نشأت "الفتني" (بكسر الفاء وفتح التاء) أي مثيرالفتن الصغير، ونطق بهذه الكلمة بالفرنسية petit intriguant " وكان الاثنان يسهران عادة في نفس الحانوت، فاستأجر محمد نشأت أحد "البلطجية" الايطاليين واصطحبه الى الحانوت، وكان الايطاليون يشتهرون بوضع شفرة حلاقة في شدقهم ويستخرجونها لتشريح وجه الضحية. وعندما التقى الثلاثة في ليلة أخرى قال الايطالي لمحمد نشأت "أهذا الذي شتمك؟ اصفعه الان". عندئذ فطن المويلحي إلى أن المسألة قد تنتهي بالتشويه والدم فتقبل الصفعة ساكتا وانتهت المسألة، وسميت تلك السنة "عام الكف". وقد تحدث ابراهيم المويلحي (والد محمد) عن هذا الحادث في جريدة مصباح الشرق
وسميت السنة اللاحقة "عام الكفء" تكريما للمويلحي.

ويعتقد كثيرون أن المويلحي مات في حلوان، وهذا خطأ آخر لأنه توفي في شارع الخليج رقم 27 بقسم الوايلي التابع لمركز العباسية. أما من سكن حلوان وتوفي فيها فهو أخوه الصغير خليل بك المويلحي، في شارع زكي باشا رقم 18 بالجهة الشرقية من حلوان الحمامات.
أما عن زهد محمد المويلحي واعتزاله في أواخر حياته فهو أمر صحيح فقد اعتزل الحياة السياسية والصحفية، وعندما عرضت عليه جريدة الاهرام في عشرينات القرن العشرين الميلادي أن يكتب فيها مقالا شهريا لقاء 40 جنيها (كان هذا المبلغ ثروة في حد ذاته) قال المويلحي مقولته الشهيرة "قلم المويلحي لا يباع". وعاش بقية حياته على حقوق التأليف والنشر وعلى معاش تقاعده من الحكومة المصرية. وبالفعل سجلت مهنته في شهادة الوفاة "بالمعاش".

 





  رد مع اقتباس
قديم 06-05-2011, 09:10 AM رقم المشاركة : 11 (permalink)
volunteer
نائب المشرف العام
 
الصورة الرمزية volunteer





volunteer غير متواجد حاليآ بالمنتدى

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خليل المويلحي مشاهدة المشاركة
تعليق لا بد منه على المقال المنشور في جريدة الرياض بتاريخ 5 صفر 1425
لم يعتد محمد المويلحي على محمد نشأت ولم يسب أباه. هذه مغالطة تاريخية ولم يكن من شيم المويلحي السب.
وسبب الحادث أن المويلحي كان يسمي محمد نشأت "الفتني" (بكسر الفاء وفتح التاء) أي مثيرالفتن الصغير، ونطق بهذه الكلمة بالفرنسية petit intriguant " وكان الاثنان يسهران عادة في نفس الحانوت، فاستأجر محمد نشأت أحد "البلطجية" الايطاليين واصطحبه الى الحانوت، وكان الايطاليون يشتهرون بوضع شفرة حلاقة في شدقهم ويستخرجونها لتشريح وجه الضحية. وعندما التقى الثلاثة في ليلة أخرى قال الايطالي لمحمد نشأت "أهذا الذي شتمك؟ اصفعه الان". عندئذ فطن المويلحي إلى أن المسألة قد تنتهي بالتشويه والدم فتقبل الصفعة ساكتا وانتهت المسألة، وسميت تلك السنة "عام الكف". وقد تحدث ابراهيم المويلحي (والد محمد) عن هذا الحادث في جريدة مصباح الشرق
وسميت السنة اللاحقة "عام الكفء" تكريما للمويلحي.

ويعتقد كثيرون أن المويلحي مات في حلوان، وهذا خطأ آخر لأنه توفي في شارع الخليج رقم 27 بقسم الوايلي التابع لمركز العباسية. أما من سكن حلوان وتوفي فيها فهو أخوه الصغير خليل بك المويلحي، في شارع زكي باشا رقم 18 بالجهة الشرقية من حلوان الحمامات.
أما عن زهد محمد المويلحي واعتزاله في أواخر حياته فهو أمر صحيح فقد اعتزل الحياة السياسية والصحفية، وعندما عرضت عليه جريدة الاهرام في عشرينات القرن العشرين الميلادي أن يكتب فيها مقالا شهريا لقاء 40 جنيها (كان هذا المبلغ ثروة في حد ذاته) قال المويلحي مقولته الشهيرة "قلم المويلحي لا يباع". وعاش بقية حياته على حقوق التأليف والنشر وعلى معاش تقاعده من الحكومة المصرية. وبالفعل سجلت مهنته في شهادة الوفاة "بالمعاش".
ابو خليل
دائما موجود في الوقت المناسب

والله واحشني كثير..
 





التوقيع :
ان تحسن الظن..وتندم..خير من..ان تسيء الظن..وتندم
  رد مع اقتباس
قديم 01-04-2012, 01:43 AM رقم المشاركة : 12 (permalink)
القلعة
المدير العام
 
الصورة الرمزية القلعة





القلعة غير متواجد حاليآ بالمنتدى

افتراضي

صحيفة الوطن السعودية حِجازيّون في النهضةِ العربيّة الحديثة محمودعبدالغني صباغ

حين نشر محمد حسن عوّاد قصيدته "تحت أفياء اللواء" في صحيفة القبلة المكيّة في 21 أغسطس عام 1921 إنما كان يعلن عن ميلاد زمن جديد للشعر على مستوى العالم العربي كافةً. لقد كان العوّاد - طليعة النابتة الحجازيّة المُجدّدة - أول من نظّم قصيدة التفعيلة الحُرّة عربياً، في ريادةٍ منفردةٍ، سبق فيها من ينازعه اليوم على سدتها؛ عمالقة آخرون، كنازك الملائكة وبدر شاكر السيّاب وعبدالوهاب البيّاتي.
وقبل العواد بزمنٍ بعيد، كان محمد بن إسماعيل بن عمر المكّي، من مواليد مكة (1795-1857)، المعروف بالشيخ محمد شهاب الدين، عَلماً من أعلام النهضة العربية؛ أديب، وكاتب، وشاعر.. انتقل من مكة إلى مصر فنشأ بالقاهرة وتعلّم في الأزهر وأولع بالأغاني وألحانها وساعد في تحرير صحيفة (الوقائع المصرية) – وهي أول صحيفة عربية، ثم تولى تصحيح ما يُطبع من الكتب في مطبعة بولاق الشهيرة، واتصل بالخديوي عباس الأول فلازمه في إقامته وسفره ثم انقطع للدرس والتأليف فصنَّف (سفينة المُلك ونفيسة الفُلك) في الموسيقى والأغاني العربية ورسالة في التوحيد وجمع ديوان شعره وتوفي في القاهرة. ويُعد شهاب الدين، أبرز من جمع وحفظ الموشحات العربية في القرن التاسع عشر الميلادي، وقد كان إلى ذلك أستاذاً لأعلام كفارس الشدياق وغيرهم. وقد اعتبره أحمد إبراهيم غزاوي لذلك أنه أول من اشتغل من المكيين في الصحافة.
ومحمد إبراهيم المويلحي (1858-1930)، مِصري من أصل حجازي، كان أحد أعلام النهضة العربية، شارك في الثورة العُرابية، عُد نظيراً للإصلاحيين محمد عبده، قاسم أمين، وحافظ إبراهيم. أسس صحيفة مصباح الشرق، وكان يكتب فيها زاوية شهيرة بعنوان (فترة من الزمان) ينظمها على منوال بديع الزمان الهمداني، كما ترك مقالات رائدة في الفلسفة.
أما أول من أنهض الليبيين وأيقظ الأمة الليبية، فهو حمزة أفندي ظافر، وقريبه إبراهيم سراج الدين، وأحمد النائب [الأنصاري]، وجميعهم كانوا حجازيين من أهالي ومواليد المدينة المنورة، الأول من أسرة آل مدني العريقة، رحل من المدينة المنورة إلى طرابلس الغرب، والثاني من مواليد المدينة عام 1855، رحل إلى مصر وأنشأ فيها مطبعة أسماها (الحجاز) عام 1881، كانت تُصدِر دوريّة الحجاز التي أوقفتها السلطات البريطانية في مصر، ليعمل فيما بعد مُحررا في صحيفة (الفسطاط) عام 1882، قبل أن يرحَل إلى بنغازي ومن ثم لطرابلس التي أسس فيها -مع حمزة ظافر والأنصاري- أول جمعية أهلية ذات طابع سياسي مُعارِض في عام 1882، درَّست أجيال النهضة الليبية، وأسهمت في النضال الشعبي والوطني ضد التغلّب والفساد العثماني، ومجابهة الخطر الأوروبي، حتى أعدَمَته السُلطات، ونفت رفيقيّه إلى إسطنبول.
وكان إبراهيم سِراج الدين سبق أن أسس أوائل عام 1883 مكتبة أو دار (القراءة-خَانَه)، بمدينة طرابلس في شارع العزيزية قُبالة باب المنشية من سورها القديم، ووضع لها نظاماً داخلياً بعنوان (قانون القراءة-خانة الخصوصية) لتقوم بدورها كمكتبة عامة ومركز ثقافي جامع (راجع عبدالسلام أدهم: وثائق تاريخ ليبيا الحديث) .
ويُعتبر الشريف محي الدين بن علي حيدر باشا (1892-1967)، المعروف في تركيا باسم ?erif Muhiddin Targan - من أشراف ذوي زيد، وابن آخر أمراء مكة في العهد العثماني- أحد رواد الموسيقى العربية الحديثة . لقد أسس، مع الموسيقار حنّا بطرس، معهد الموسيقى بالعراق (كونسرفتوار بغداد) عام 1936، وعيّن أول عميد له – وهو أستاذ للموسيقار العراقي الشهير منير بشير وأخيه جميل بشير. ومحيي الدين، المكّي أصلاً، كان قد درس الموسيقى في إسطنبول، ثم سافر إلى أمريكا عام 1924، وأقام في بدايات بعثته حفلاً موسيقياً باستضافة أعظم أساتذة البيانو على الإطلاق، ليوبولد جودوسكي Leopold Godowsky، وبحضور كبار الموسيقيين آنذاك أمثال كرايسلر، جاشا هايفتز، والبروفيسور أوير، غطته صحيفة الهيرالد تريبيون التي مضت تكتب عن براعته في العزف على العود، قائلة عنه: "لقد أحدث الشريف محيي الدين في العزف على العود الانقلاب الذي أحدثه (نيكولو) باجانيني في الكمّان". قبل أن يمضي في التعلم على آلة الفيولونسيل على يد أستاذها الموسيقار الشهير ب. فاشكا، متوّجاً دراسته في أمريكا بإحيائه لحفل موسيقي شهير على مسرح "التاون هال" بنيويورك في 13 ديسمبر 1928 – علما بأن نوتات محيي الدين الموسيقية ماتزال تُدرّس إلى يومنا هذا بالمدارس العراقية: منها؛ الطفل الراكِض، ليت لي جناح، الأغاني للأطفال، كابريس كابريس، سماعي نهاوند، سماعي عراق، سماعي دوكاه، تأمل، وغيرها !
والشيخ عبدالله سراج، المكي الصميم، قاضي قضاة مكة السابق، ومفتي الأحناف فيها، ورئيس مجلس الوزراء بالحجاز في العهد الهاشمي، كان له دور جوهري في قيام الدولة الأردنية الحديثة، حتى لقد عُهدت إليه رئاسة الحكومة بالأردن فعلاً في 22/2/1931. أما نجله حسين باشا سراج، أحد طلائع النهضة بالحجاز والمملكة العربية السعودية، كان له إسهام آخر في ريادة الحركة المسرحية والثقافية والرياضية بالأردن الحديث. والشيخ محمد الخضر الشنقيطي، الحجازي الصميم، عالم المدينة المنورة وواعظها في العهد الهاشمي، كان أول قاض للقضاة بحكومة إمارة الأردن في 11/4/1921، وعضو مجلس الأعيان وعضو مجلس الوصاية على العرش بالأردن. كما شغل من بعده، نجله، الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، منصب قاضي القضاة أيضا بالأردن في عام 1947، وعُين وزيرا للمعارف.
ولمكة فضلٌ في نبوغ ريادات أقطار عربية أخرى. إن أول رواية جزائرية كُتبت باللغة العربية كتبها أديب جزائري كان مُقيما في مكة، تأثر ببيئتها وألهمته أجواؤها، حيث المشهد الأدبي والثقافي في مكة كان في أوجه وفي ذروة عنفوانه. إننا نعني رواية (غادة أم القرى)، للأديب/الشهيد الجزائري أحمد رضا حوحو، التي صدرت من مكة عام 1947، وتعتبر باكورة المنجز الروائي الجزائري الحديث بحسب الدكتور عبدالله الركيبي– فيما صدرت أول رواية سعودية فعلاً قبل ذلك التاريخ بسبعة عشر عاماً؛ فصدرت رواية (التوأمان) لعبدالقدوس الأنصاري في المدينة المنورة عام 1930 و(الانتقا) لمحمد نور الجوهري في مكة عام 1934. أحمد حوحو كان قد مكث في مكة اثني عشر عاماً بدءاً من عام 1934 إلى عام 1946 ثم عاد إلى موطنه بدوافع المعيشة القاسية، على خلفية شحّ مصادر الرزق في الحجاز حد الفاقة في الأجزاء الأخيرة من الحرب العالمية الثانية.
وأول من رصّ عقد المدارس النظامية المُتفرّقة في أنحاء العالم الإسلامي، هو تاجر جدة المعروف، الحاج محمد علي بن زينل علي رضا. فبعد تأسيسه لفرعي الفلاح بجدة (1905) ومكة المكرمة (1910) تأسست الفلاح النظامية في كلٍ من حضرموت وعدن ومومباي وغرب أفريقيا وإندونيسيا وماليزيا ودبي والبحرين والصومال وجزر القُمر والكويت، إما بإيعاز مباشر منه أو بمساهمة عدد من خريجي الفلاح من فرعَيهَا بمكة وجدة.
وآل الدباغ المكيّون، كانوا أولَ من أسس مدرسة نظامية في جنوب الجزيرة العربية، وهي مدرسة الفلاح بالمكلاّ، عاصمة بلاد حضرموت، وكان أكثر المُدرّسين فيها من المكيّين، وبالإضافة إلى السيّدين طاهر الدباغ، وحسين الدباغ، درّس فيها الشيخ عمر حمدان والسيد أمين بن عقيل، وحسن شيبه، وصبحي الحلبي، والشيخ الطيب الساسي. وساهَمَ في إنشائها أحمد إبراهيم غزاوي، شاعر الملك عبدالعزيز. وقد توّسع آل الدباغ، فافتتحوا فرعاً آخر في عدن، وكان بين من دَرّسَ بها عدد آخر من أهل مكة، كالأستاذ عمر حسين، والسيّد الأديب علي فدعق.
أما أحد أوائل من تسلّم إدارة أول مدرسة نظامية فعليّة في ساحل الخليج العربي (نعني مدرسة الفلاح في دبي التي أسسها الحاج محمد علي زينل عام 1927)، كان مُجاوراً مكياً، هو الشيخ محمد نور سيف بن هلال المهيري، الذي تعلّم في حصوات الحرم المكي، وتخرّج من الفلاح المكيّة، وكان من أساتذته من علماء مكة؛ الشيخ عمر حمدان، والشيخ أحمد ناظرين، والشيخ علي مالكي، وكان رفيقاً للشيخ علوي مالكي، وهو والد الدكتور أحمد بن محمد نور سيف، المدير الحالي لدار البحوث للدراسات الإسلامية وإحياء التراث بإمارة دبي.
أما فرع الفلاح في مومباي، فقد درّس فيه ثلة من فلاحيي مكة، أمثال: معالي محمد حسن كتبي، وزير الحج والأوقاف السعودي فيما بعد، وسامي كتبي، وعبد القادر عثمان، وحمزة عجاج، وعبدالله عثمان، وأحمد بامفلح، ومحمد حسن أخضر، وعمر غُراب، والسيد عمر عقيل، وإسحاق عزوز، مدير مدرسة الفلاح بمكة فيما بعد ومُعاوِن أمير مكة بعد ذلك .
وإحدى أول المدارس الأهلية في الكويت، تلك التي أقامها زكريا الأنصاري أحد فلاحيي مكة، ووالد الأديب الكويتي المعروف عبد الله زكريا الأنصاري، الذي روى عن تأسيس والده لمدرسة الفلاح في الكويت لجريدة القبس الكويتية بتاريخ 28 مارس 1984، قائلاً: إن أصل عائلتهم من الحجاز، ووالدهم أسس الفلاح الكويتية عام 1927، عندما وصل من عمان إلى الكويت .
وأول من أسّس المدارس النظامية العربية في غرب أفريقيا، حاجٌ موريتاني كان مُجاوراً مكيّاً، وهو الحاج محمود باه عمر باه، الذي تخرج من فلاح مكة عام 1941، كان قد احتضنه علمياً ومالياً، واستضافه في دارته بمكة، العالِم المكّي المعروف السيّد علوي بن عباس مالكي. وبعد أن أنشأ –الحاج محمود- أول مدرسة فلاح في موريتانيا بإيعاز من الحاج محمد علي زينل، توجّه إلى السنغال وافتتح فرعاً آخر في داكار (1945)، ثم في مدينة خاي في مالي (1957)، ثم افتتح مدرسة في جمهورية غينيا عام (1957)، ألحقها بأربع مدارس فلاح في الكاميرون (1959) وليبيريا (1962)، ومن ثم في الجابون (1974)، ليصل مجموع ما افتتحه من مدارس فلاح نظامية، تُدرّس باللغة العربية، في غرب أفريقيا الـ76 مدرسة! (راجع كتاب عبدالله بلخير يتذكّر) .
كاتب سعودي
 





  رد مع اقتباس
قديم 03-26-2013, 02:01 AM رقم المشاركة : 13 (permalink)
القلعة
المدير العام
 
الصورة الرمزية القلعة





القلعة غير متواجد حاليآ بالمنتدى

افتراضي

محمد بك المويلحي
للأستاذ عبد العزيز البشري
لست أغلو إذا زعمت أنني في مطلع نشأتي الأدبية كان (مصباح الشرق) عندي هو المثل الأعلى للبيان العربي. وبهذا كنت شديد الاكباب على قراءته، وتقليب الذهن واللسان في روائع صيغه وطرائف عباراته. حتى لقد كنت أشعر أنني أترشفها ترشفاً لتدور في أعراقي وتخالط دمي، وتطبع ملكتي على هذا اللون من البيان الجزل السهل الناقد الطريف. ولكن (ما كل ما يتمنى المرء يدركه)!
ولقد كنت فتى مولعاً بالصناعة، شأن أكثر نابتة المتأدبين في ذلك العهد. فلما أرسل محمد المويلحي في المصباح (أحاديث عيسى بن هشام) زادني وزاد لداتي به فتوناً.
كيف تمثل لي محمد المويلحي؟:
لم تكن عيني إلى هذا العهد قد وقعت قط على محمد المويلحي ولا خيار المرء في تمثل صورة من لم ير من الأناسي، وما لم يشهد من البقاع. فكانت الصورة التي جلاها علي الخيال لهذا الرجل، صورة شاب معتدل القد، وضئ الطلعة، وسيم الوجه قسيمه. وما كان ذلك البيان الجوهري ليجلو علي من الرجل غير ذلك. على أنني كنت أرى أباه إبراهيم بك الحين بعد الحين في زياراته لوالدنا، عليهما رحمة الله، وفي زيارات والدنا له (بعمارة البابلي) يوم كنت أصحبه. وكان هذا المويلحي تحفة من تحف العصر التي قل أن يجود بمثلها الزمان: قوة لسن، واشتعال ذهن، وحضور بديهة، وسطوة نكتة، وسعة علم بالزمان وأحوال الناس. أما سرعته وتوفيقه في إيراد الشاهد من عبر التاريخ، ومأثور الآداب من منثور الكلام ومنظومه، فهذا ما لم يتعلق بغباره فيه أحد. فكان مجلسه متاعاً من أعظم المتاع
على أنني لم أوفق إلى رؤية المويلحي الابن مرة واحدة!
وتتابعت السنون، وخلص تحرير (المصباح) إلى محمد. ثم امتحنه القدر بحادثة اعتداء يسير عليه من بعض الطيش من أبناء (الذوات) في إحدى القهوات. وانتهى الخبر إلى المرحوم الشيخ علي يوسف، وكان في صدره موجدة شديدة على محمد وعلى أبيه لما كان بينه وبينهما من كيد وصراع، فانتهز الفرصة وروى الحادثة في صورة مهولة، واستدرج

(73/11)

الكتاب والشعراء للقول فيها، وفسح لهذا في المؤيد مكاناً عريضاً. ومن ذا الذي لم يكن موتوراً من المويلحي؟ ومن ذا الذي لم يقدر الوتر منه في مستقبل الأيام؟ وإذا كان الرجل عاجزاً على أن يخرج للمويلحي وحده، فهذه جموع الأدباء والشعراء والعلماء أيضاً قد تداكت لقتاله بكل ما في أيديها من سلاح! ألا فليتقدم لطعن المويلحي من شاء أن يتقدم، فليس على أحد في قتاله اليوم من بأس!
وتثور العاصفة، ويشتد البأس، وتحمر الحدق، وأذّن النفير العام، فوثب القاعد وتحرك الساكن، وانبعث الجاثم وهب النائم. وأهاب القعديون بالمتخلف، واستحمسوا المتخاذل. وشد الجميع على قلب رجل واحد. وهل كان من المستطاع أن يصمد لهذا الجيش اللجب رجل واحد؟. لم يستطع المويلحي أن يثبت في الميدان، فأطفأ (المصباح) وأنسل إلى داره وقد ألقى يد السلام، واحتجب ولكن في انتظار الثأر وري الغلة بالانتقام!.
ولقد تم للمويلحي من هذا بعض ما أراد أو كل ما أراد. فلقد كان ممن أثاروا الثائرة على الشيخ علي يوسف أيام حادث الزوجية المشهور، وفتح له في جريدة (الظاهر) باباً مثل ذلك الباب، واستدرج له أقلام الشعراء والكتاب. وواحدة لواحدةٍ كفاء.
متى رأيت المويلحي، وكيف اتصلت به؟:
بين سنتي 1907، 908، لا أذكر على التحديد، سألت صديقاً حديث العهد بصداقتي، ولكن وده للمويلحي قديم - سألته وتمنيته أن يجمع بيني وبينه، وما كان أبلغ دهشتي واغتباطي حين قال لي: إن المويلحي قد طالعه أنه يحب أن يراني، ولعله عرف بي من أيام كنت أرسل القول في الشيخ في فتنة الزوجية شعراً ونثراً. (وأسأل الله أن يغفر لي هذا). وتواعدنا أن نذهب إليه في الأصيل.

وكان، رحمه الله، قد اتخذ مسكنه داراً من دور سعيد باشا نصر، تقع في أطراف العباسية يومئذ. وهذه الدار لا يعطي العين ظاهرها أكثر من منظر (حوش) في قرافة الأمام، فإذا جزت مداخلها انفرجت للعين حديقة واسعة قد عبِّدت طرقها تعبيداً، ونضدت أشجارها تنضيداً، وتأنقت يد البستاني في تسويتها وتنميقها، كما تأنقت يد الطبيعة في تشجيرها وتزويقها: فهذا الفل الوضيء الآلق، وهذا الورد المشرق الضاحك، وهذا النرجس تنبعث من عيونه الأسحار، وهذا الياسمين لقد استحال تنفساً في ساع الأسحار.
(73/12)


ولقد أفرد زاوية من زوايا الحديقة للغزلان والطواويس وجماعات الطير من كل غرد صداح.
ويستقبلني، رحمة الله عليه، بالبشر والتأهيل والترحيب، وإذا بي إزاء رجل حنطي اللون، بين الطويل والقصير، والسمين والهزيل؛ مستطيل الوجه، عريض الجبهة، حاد العينين، مستوي الأنف، له فم قريب إلى الفَوَهِ في غير قبح ولا استكراه. إذا تمثل واقفاً لمحت في ساقيه تقوساً خفيفاً لعله دخل عليه من أنه عالج المشي قبل أن تصلب عظامه. وله إذا تحدث صوت لا أقول خشن بل أقول جزل. فإذا أقبل على القراءة زر عينه اليسرى فبان التكرش الشديد ما بين أعلى العارض وأسفل الجبين، وهذا التكرش لا شك كان من أثر السنين، وإن كان يخفيها في المويلحي شدة عنايته بصحته، وتكلفه ألواناً من علاج البدن بمأثور الوصفات، والتزام الحمية في كثير من الأوقات، وأخذ النفس بالراحة التامة ما تستثيره أزمة من الأزمات، ولا يستدرجه مجلس لهو ولا تقنصه داعية لذة من اللذات؛ وبهذا تهيأ له أن يحيا في مثل نظرة الشباب إلى الممات.
وقد تلقّاني في غرفة الاستقبال، وهي غرفة أنيقة حقاً. لقد أثثت بأفخر الأثاث وأغلاه، وأفخر من كل شئ فيها الأناقة في تصفيف الفراش والذوق التام. وقد زُينت أجبُنُها بصور كبيرة له ولأبيه، وللأميرة نازلي فاضل، وللسيد جمال الدين الأفغاني. وبلوحات خطية جميلة جرت بروائع الحكم، وأكثرها من شعر المعري.
وخضنا في أحاديث من أحاديث الأدب، ولونا الكلام تلويناً حتى تجاوزنا نصف الليل، وتفارقنا وكأن حبل المودة بيننا ممدود من عشرين سنة. وتواعدنا اللقاء ما تهيأ لنا. وكذلك استمكن الإلف واستوثقت حبال الود، فما نتفارق على موعد من لقاء قريب. ولقد أعيش معه اليومين والثلاثة نقرأ عامة نهارنا وصدراً من ليلنا كتباً، أو نتذاكر أدباً.

وكان ممن يختلفون إلى داره مغرب الشمس عادة بعض أقطاب العلم وأصحاب الرأي والبيان والبدائة المواتية، وأذكر منهم المرحومين عمه السيد عبد السلام باشا المويلحي (سر تجار مصر)، والسيد محمد توفيق البكري، والشيخ علي يوسف، بعد أن تصافت القلوب مما كان علق بها من الأضغان، والسيد محمد البابلي، ومحمد بك رشاد، وحافظ بك إبراهيم، وعبد الرحيم بك أحمد، وحافظ بك عوض، والسيد عبد الحميد البنان. أحياهما الله أطيب
(73/13)


الحياة. وخذ ما شئت في أثناء هذه المجالس من أدب رائع، ومن نادرة طريفة، ومن حاضر نكتة قل أن تسخو بمثلها الأذهان.
ولقد كنا نقضي معاً عامة الصيف في مدينة الإسكندرية. ولعل من أسعد هذه الأصياف ذلك الذي قضيناه معاً في فندق في ضاحية المكس خالصين للرياضة ومراجعة الكتب في مختلف الآداب، لا ننحدر إلى صلب المدينة إلا لقضاء سهرة مونقة مع آثر الصحاب. كما عشنا معاً في شتاء سنة 911، 912، بضعة أشهر في دار استأجرناها في حلوان.
وفي سنة 1910 قلد في ديوان (عموم) الأوقاف منصب رئيس قسم الإدارة والسكرتارية، وفي يناير من سنة 1911 عينت في (قلم السكرتارية). وللمويلحي في هذا التعيين سعي غير منكور. وبهذا أصبح لي رئيساً، كما كان لي أستاذاً وصديقاً.
ولقد ظل الود بيننا موصولاً حتى قبض إلى رحمة الله.
نشأته ودراسته:
هو السيد محمد المويلحي بن إبراهيم بك بن السيد عبد الخالق المويلحي. أصلهم من مرفأ المويلح ببلاد العرب، هبط جدودهم مصر من زمن غير قصير، وكانوا يتجرون في صناعة الحرير، وهم أهل نعمة وثراء. ولقد أتلف أبوه إبراهيم كل ما كان في يده من الأموال فلم ينزلق عنه لبينه إلا نطافٌ من الاستحقاق في بعض الأوقاف.
وما أحسب محمداً تجاوز في الدراسة المنظمة التعليم الابتدائي. ثم جعل يتعلم على أبيه، ويكب على قراءة الكتب في العلوم والآداب، ثم اتصل بأئمة العلماء وأقطاب أصحاب الأدب من أمثال السيد جمال الدين الأفغاني، والشيخ محمد عبده، والشيخ حسين المرصفي، ومحمود باشا سامي البارودي، وغيرهم من أعلام عصره فحذق العربية وبرع فيها، وجود البيان أيما تجويد، وهيأ له جِدُّه واضطرابه في أسفاره بين الشرق والغرب تجويد اللغات الفرنسية، والتركية، والإيطالية، كما أصاب حظاً من الإنكليزية واللاتينية. وكان كثير القراءة إلى غاية الممات، فلا تكاد تقتحم عليه إلا رأيته يعالج بالتنسيق حديقته، أو يقرأ في كتاب عربي أو في كتاب يجري في إحدى هذه اللغات.

ولقد سألته ذات يوم عن أحسن الفرص التي هيأت له أعظم حظ من العلم فقال: كنت في الأستانة في ضيافة رجل فاضل يدعى سليمان أفندي، وكان عنده مكتبة تعد من أفخر
(73/14)

المكاتب الأهلية، فلبست ثيابي ذات عشية تأهباً للخروج كعادتي لأسهر في بعض ملاهي المدينة، وتفقدت كيسي فإذا هو صفر من الدرهم والدينار، فنضوت ثيابي ثانية وقلت باسم الله، ولبثت عاكفاً على قراءة الكتب لا أبرح هذه المكتبة إلا للنوم أو لغيره من حاجات الحياة. وظللت على هذه الحال ستة أشهر وبعض الشهر حتى أذن الله بالفرج، وجاءني من المال ما هيأ لي استئناف الحياة مع الناس!
ومن يعرف صبر المويلحي، وشدة حمله على نفسه، لا يستطيع أن ينكر منه هذا المقال، وسألم إن شاء الله بهذه الخلة العجيبة فيه عند الكلام في عاداته وأخلاقه. وحسبي هذا الآن فقد أطلت الحديث، والى الملتقى القريب.
عبد العزيز البشري
 





  رد مع اقتباس
قديم 03-26-2013, 02:04 AM رقم المشاركة : 14 (permalink)
القلعة
المدير العام
 
الصورة الرمزية القلعة





القلعة غير متواجد حاليآ بالمنتدى

افتراضي

- محمد بك المويلحي
الأستاذ عبد العزيز البشري
تتمة في نشأته ودراسته
لقد عرفت مما قصصنا عليك أن هذا الرجل وإن نشأ عظامياً بما لبيته
من الغني والحسب، فقد نشأ عصامياً بما حصل من العلم والأدب. اتكأ
على نفسه فأكب على الكتب دائرها ومجفوِّها. ولعل أكثر نظره إنما
كان في كتب التاريخ والسير، ولو قد وقع لك صدر من آثار أبيه
وآثاره لرأيت لهما في مواطن الاستشهاد فطنه عجيبة، إلى دقائق
دقيقة، مما يعلق بزوايا التاريخ أو بحواشيه، قل أن يفطن لها أكثر
القارئين، وقل أن يحفل بها أو يعلقها من يفطن إليها من الدارسين.
على أنها قد يكون لها في دواعي الكلام مقام عظيم، وكثيراً ما ترفعه
درجاتٍ على درجات.
كذلك اعتمد محمد في تحصيل العلم والآداب على الاتصال بصدور أهل الفضل يصاحبهم
ويلابسهم، ويلازم مجالسهم، ويشهد محاضراتهم ومقاولاتهم. كذلك داخل رجال الحكم وأصحاب السياسة في مصر وفي الآستانة فعرف أساليبهم، وأدرك مذاهبهم. ولم ينكسر على هذا وهذا؛ بل لقد صاحب كذلك أهل الظرف وأصحاب البدائه وشاركهم في أسمارهم، ودخل معهم في مناقلاتهم ومنادراتهم.
وعالج البيان من صدر شبابه، يصقل له أبوه القول، وبقرب له مصطفى اللفظ، ويأخذه بتجويد النسج، ويهديه إلى مضارب العلم. وسرعان ما نضج وأدرك، وجرى قلمه بالبيان حلواً متيناً نيراً، ووقع من فنون المعاني على أجلها وأكرمها. ونهج لنفسه أسلوباً خاصاً به إن تأثر فيه بأحد، فبالأسبقين من أعلام الكتاب فكان منه بذلك كله الأديب التام.
واحترف صنعة القلم، واشترك في تحرير جريدة المقطم بضع سنين على ما أضن. ولا

(74/10)

أحسبه قد شارك أباه في تحرير الصحف التي أخرجها في عهد المرحوم الخديوي إسماعيل، فتاريخها إن لم يكن أبعد من مولده، فهو أبعد في أرجح الظن، من حمله القلم والله أعلم!
وكان أبوه، رحمة الله عليهما، كثير الاختلاف إلى الآستانة مثوى الخلافة يومئذ، فكان يصحبه في بعض هذه الرحلات، وقلد إبراهيم بك في زمن السلطان عبد الحميد منصب المستشار لوزارة المعارف العثمانية، وأقام فيه بضع سنين، لعلها تسع إن صدقتني ذاكرتي؛ فقضى محمد في الآستانة هذه السنين.
ولما اعتزل المرحوم إسماعيل باشا إمارة مصر، وآثر المقام في إيطاليا دعا بإبراهيم بك ليؤنسه ويسامره، ويخدمه في بعض مساعيه عند السلطان. فحمل معه ولده وأقاما في نابولي في قصر إسماعيل بضع سنين. ومن هنا تدرك كيف حذق محمد لغة التليان.
ولقد طاف كثيراً ببلاد أوربا، إما موفداً من أبيه في بعض مساعيه، وإما متفرجاً متنزهاً. وله في وصف مؤتمر باريس سنة 1900 مقال بارع بديع، كان ينشر منجماً في مصباح الشرق وطاف كذلك بالبلاد السورية، وزار المدينة المنورة ووصف القبر الشريف أحسن وصف وأبدعه، ونشره في جريدة المؤيد.
واستقر المويلحيان أخيراً في مصر ما يبرحانها إلا للنزهة والرياضة. وأصدر صحيفة
(مصباح الشرق). وقد مرت بك صفتها في أول مقال. ثم طواها كما ذكرت لك، واعتكف في داره لا يلى عملاً عاماً: حتى عين في سنة 1910 رئيساً لقسم الإدارة والسكرتارية في ديوان (عموم) الأوقاف، وأزيل عن هذا المنصب بعد إذ قامت الحرب العظمى، وتبدلت الحال، لأسباب لا يحتمل ذكرها هذا المقال. فعاد إلى اعتكافه لا يتدلى إلى البلد إلا في قضاء حاجة، أو مساهرة من يستطيب مجالستهم من الصحاب، وظل كذلك إلى الشكاة التي مات فيها، عليه رحمة الله. وكانت وفاته في يوم 10 مارس سنة 1930.
أخلاق المويلحي وعاداته:
قبل أن أطرق هذا الباب من مسيرة الرجل يحسن بي أن أقرر أنه لم يكن على حظ من نطاقة اللسان؛ بل لقد كان يعتريه في بعض الحديث ما يشبه الحبسة؛ بل لقد تتعثر الكلمة في حلقه فلا يستطيع أن يلفظها إلا بمط عنقه، كأنما يمرئ لها مجرى الصوت.
ومن أهم ما يلفت النظر في خلاله أنه كان أقل خلق الله تأثراً بما يغمر المرء من متعارف
(74/11)

الناس ومصطلحهم في عاداتهم وتقاليدهم وسائر أسبابهم؛ بل لقد كان له نظره الخاص في الأشياء، وكان له حكمه الخاص عليها، وهو إنما يأخذ نفسه بما يصح عنده من هذه الأحكام، لا يبالي أحداً، ولا يتأثر، كما قلت، بأثر خارجي، ولو كان مما انعقد عليه إجماع الناس، وإذا كنت قد نعته (بالفيلسوف) فإنما أعنى هذه الصفة فيه. فإنني لم أكد أرى رجلاً لاءم كل الملاءمة بين رأيه في أسباب الحياة، وشدة تحريه أخذ النفس بأحكام هذا الرأي، كما بان لي من خلة هذا الرجل بحكم ملابستي له السنين الطوال.
ولقد كانت له آراء في كثير من الأشياء لقد تبدو غربيةً حتى يظن أن في طريقة تفكيره شيئاً من الشذوذ والانحراف. وما أُحيلُ هذا إلا على أنه لا يخف لمطاوعة الناس في كل ما يستوي من الإدراك للناس!
ثم لقد كان رجلاً يرجح عقله ذكاءه. وإنه ليحتاج في تفهُّم دقائق المعاني إلى شيء من المطاولة والتدبير. على أنها بعد هذا تتسق لذهنه مدركة ناضجة، لا كما تخطر لحداد الذكاء (خطرة البرق بدا ثم اضمحل)!
كذلك كان مما يلفت النظر في شأن المويلحي أنه شديد الإستيحاش من الناس، فلا تراه يستريح بالحديث إلى من لا يعرف منهم ولم يألف، ولقد يكون في مجلس يجمع الصفوة من خلانه، ومعهم رجل لا يعرفه، فإذا هو يفتر وينقبض حتى يكاد (وحش في المجلس). وعلى هذا لقد كان يكره، بالطبع، الدخول في زحمة الناس، والترائي للجماهير، وما إلى هذا من مقتضيات الظهور. ومن أجل صفات هذا الرجل حدة العزم، وقوة الصبر، وشدة الحمل على النفس. فما إن رأيته يوماً شاكياً ولا مظهراً للبرم بالحياة مهما كرثه تصرف الحياة. ولقد يكثر المال في يده فيبسطها، إلى ما يقرب من السرف في النفقة في حاجاته، وإصابة ما يحلو له من المتسع واللذائذ. ولقد يرق المال في يده، فيلزم داره الشهرين والثلاثة لا يبرحها أبداً، متجملاً في عامة شأنه بما عنده مهما يبلغ من القلة، لا يسأل أحداً عوناً ولا يطالع الصديق بحاجة.
كذلك كان من أجل صفاته الصدق في القول، ولقد عاشرته ما عاشرته، فما أذكر والذي نفسي بيده، أنني أحصيت عليه كذبة واحدة قط، ولا من ذلك النوع الذي يتورط فيه المرء في مصانعة الناس ومجاملتهم، فان ألحت التقاليد عليه في شيء من هذا سكت أو ورّى.
(74/12)

ولقد أذكر أنه قابل ولي الأمر الأسبق في يوم من أيام رمضان، فسأله أصائم أنت يا محمد بك؟ فأجاب من فوره (والله ما أكذبش عليك يا أفندينا)! فضحك ملء شدقيه من هذا الجواب.
ثم لقد كان، رحمه الله، شديد العناية بالنظافة في جميع ملابساته، متأنقاً عظيم التأنق في كل شيء، يحب الزهر ويكلف به، ويحسن تأليفه وتصنيفه، ولا يمس إلا أزكى العطر وأغلاه وكان شديد الاحتفال للطعام، مبالغاً في التأنق فيه. ولربما طالع طاهيه المرات العديدة في مطبخه، يتقدم إليه بأن يفعل بهذا اللون كذا وكذا، ويصنع بتلك الصفحة كيت وكيت، وهو بهذا حق خبير. فإذا قُرِّب إليه طعامه اجتمع له اجتماع شهوانٍ يلتذ به أيَّما التذاذ. على أنه مع هذا كان حسن الأكل، يلتزم في تناوله ومضغه وإزلاقه أعلى الآداب.
وكان رجلاً طباً، كأن طول تمرينه في النقد الكتابي قد طبعه على النقد في كل شيء، وأنضج ملكته فيه، فلا تراه يتخذ شيئاً في أي سبب من أسبابه إلا إذا فحص ونقد تخيّر، فما يكاد يخدع على أمر أبداً!
وهو، بعد، يحب النكتة البارعة ويحتفل لها. على أنه إذا وصل المجلس بينه وبين أصحابه ممن حذقوا هذا الفن ويرعوا فيه من أمثال المرحومين السيد محمد البابلي، ومحمد بك رشاد، ومحمد بك رأفت، لم يكن في الغالب هو المنشئ للنكتة والمبتكر لها. ولكنها ما تكاد تسقط من فم غيره حتى يتولاّها بالتخريج والمط والتوليد والتلوين؛ فما ينتهي أحد في ذاك منتهاه.
ومهما يكن من شيء فان هذا الرجل كان من أوسع الناس علماً بطباع المصريين وأخلاقهم وعاداتهم ومداخل أمورهم، على اختلاف طبقاتهم وتفاوت مراتبهم. فإذا تحدث في هذا الباب فحديث المتمكن الخبير. ومما ينبغي أن يذكر له، ويختّم به هذا الحديث، أنه رجل لم يجد الإلحاد ولا الزيغ إلى قلبه السبيل؛ بل لقد كان مؤمناً شديد الإيمان بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر، والحمد لله رب العالمين. فان رأيت منه شيئاً من الانحراف في تخريج مسألة جزئية من مسائل الدين، فأحِل الأمر على مجرد الخطأ في الاجتهاد والتأويل. رحمه الله واسعة، وغفر لنا وله، وأحسن جزائه في دار الجزاء.
عبد العزيز البشري
(74/13)
 





  رد مع اقتباس
قديم 03-27-2013, 03:35 PM رقم المشاركة : 15 (permalink)
القلعة
المدير العام
 
الصورة الرمزية القلعة





القلعة غير متواجد حاليآ بالمنتدى

افتراضي

لموسوعة المعرفية الشاملة

المويلحي

المويلحي (1275 – 1348هـ ، 1858 – 1930م). محمد بن إبراهيم المويلحي. كاتب وأديب مصري من الرواد في القرن التاسع عشر، ومؤسس جريدة مصباح الشرق، وصاحب العمل القصصي الشهير حديث عيسى ابن هشام. ولد في القاهرة ويرجع نسبه إلى أسرة من مدينة مويلح في شمال غربي الجزيرة العربية، ومن هنا جاء لقب المويلحي. تعلم في الأزهر ثم في مدرسة أنجال الخديوي إسماعيل، ونشأ في وسط تقليدي محافظ على القيم والمبادئ العربية الإسلامية ومتفتح على الثقافة الحديثة.
وفي عام 1881م، تولى منصبًا مهمًا في وزارة الحقانية (العدل) واستمر فيه إلى أن قامت الثورة العرابية في العام التالي فشارك فيها. ولما فشلت الثورة عُزل من منصبه، ونفي إلى أوروبا، فظل متجولاً بين إيطاليا وفرنسا والنمسا والآستانة، ولم يرجع إلى مصر إلاّ بعد وقوعها تحت الاحتلال الإنجليزي المباشر.
عمل بعد عودته في تحرير بعض الصحف، ثم عُيِّن معاون إدارة بمحافظتي القليوبية فالغربية بمصر، لكنه لم يلبث أن استقال ليؤسس مع والده الشيخ إبراهيم المويلحي جريدة مصباح الشرق سنة 1898م، وفيها بدأ ينشر عمله القصصي المشهور حديث عيسى بن هشام الذي نُشر كاملاً عام 1905م.
عين مديرًا لإدارة الأوقاف، وظل في منصبه الجديد إلى عام 1915م، حيث استقال ولزم منزله بحلوان (من ضواحي القاهرة) إلى أن توفي بعد أن أصيب بمرض الفالج (الشلل النصفي).
ارتبطت شهرة المويلحي لدى الأدباء والنقاد ومؤرخي الأدب العربي الحديث بعمله القصصي المشار إليه؛ إذ يعتبره كثيرون أول محاولة جادة في الكتابة الروائية العربية الحديثة. وقد نُشر العمل في شكل حكايات تستعير من فن المقامة بنيتها ولغتها، إلا أن نظرة فاحصة على هذا العمل تؤكد مافيه من عناصر الوحدة شكلاً ومضمونًا. فمن خلال عين الراوي عيسى بن هشام وصوته، يقدم هذا النص لوحة شاملة وعريضة للأوضاع الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية التي كانت تعيشها مصر في نهايات القرن التاسع عشر إلى ما بعد نحو قرن من تدخل القوى الغربية في مجريات الأمور فيها، وتعرضها لعمليات متناقضة غيرت الكثير من جوانب الحياة كما يصورها هذا العمل الأدبي الرائد. وقد حفل العمل بحسٍ نقدي ساخرٍ .
 





  رد مع اقتباس
قديم 10-28-2013, 01:29 AM رقم المشاركة : 16 (permalink)
القلعة
المدير العام
 
الصورة الرمزية القلعة





القلعة غير متواجد حاليآ بالمنتدى

افتراضي

محمد المويلحي
محمد المويلحي هو أديب وناقد وصحفي شيَّد إحدى الدعامات التي أقامت صرح الأدب العربي في العصر الحديث.
ولد محمد إبراهيم المويلحي بالقاهرة عام ١٨٦٨م، في أسرة وثيقة الصلة بالخديو إسماعيل، وهو ابن الكاتب الصحفي إبراهيم المويلحي الذي كان له عظيم الأثر في نبوغه الإبداعي؛ حيث أشركه أبوه في تحرير مجلة «مصباح الشرق» التي كانت من كُبريات الصحف التي أسهمت في النهضة الأدبية الحديثة في مصر آنذاك.
وقد تلقى الكاتب تعليمه في مدرسة «أنجال الخديو إسماعيل»، ثم التحق بالجامع الأزهر، وقد أُلقِيَ القبض عليه أثناء الثورة العرابية؛ بسبب توزيعه لعددٍ من المنشورات، ثم حُكِمَ عليه بالإعدام، وقد خُفِفَ الحكم فيما بعد إلى النفي.
رحل محمد المويحلي مع أبيه إلى الآستانة ومكث بها فترة من الزمن، حيث أُتيح له أن ينسخ مخطوطاتٍ طُويت بين دفاتر النسيان في الأدب العربي لعدة أدباء مشهورين أمثال أبي العلاء.
وعاد المويحلي إلى مصر ليستأنف نشاطه الصحفي؛ فنشر عدة مقالات في جريدة المُقَطمِ حملت بين طياتها العديد من القضايا الوطنية. وقد تقرّب المويلحي إلى العديد من أعلام عصره أمثال الأميرة نازلي فاضل كما اتصل بمن حولها من الإصلاحيين أمثال قاسم أمين.
وقد قدَّم المويلحي للساحة الأدبية والفكرية نفائس أفصحت عن أوجه الإبداع في الأدب العربي منها: «فترة من الزمان» التي نشرها في جريدة «مصباح الشرق» وجمعها تحت عنوان «حديث عيسى بن هشام»؛ وهي سلسلة مقالات سار فيها الكاتب على منوال مقامة بديع الزمان الهمذاني، وتأثر فيها بوالده إبراهيم المويلحي، وفيلسوف الإسلام جمال الدين الأفغاني، والإمام محمد عبده.
وقد اتسم أسلوب المويلحي الأدبي بصفاء الديباجة، ونصاعة اللفظ، وإحكام النسجِ، والميل إلى السجع على طريقة القدماء مع الحرص على الموسيقى اللفظية، وقد وافته المنية عام ١٩٣٠م.

الكتب المُؤلَّفة


جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة © 2013
 





  رد مع اقتباس
قديم 10-28-2013, 01:44 AM رقم المشاركة : 17 (permalink)
القلعة
المدير العام
 
الصورة الرمزية القلعة





القلعة غير متواجد حاليآ بالمنتدى

افتراضي

المويلحي (محمد بن إبراهيم ـ)
(1868 ـ 1930م)

محمد بن إبراهيم بن عبد الخالق ابن إبراهيم المويلحي، أديب وكاتب وناقد وصحافي مصري (والمويلحي نسبة إلى مويلح وهو أحد ثغور الحجاز) ولد في القاهرة، وتلقى دراسته الأولى على أبيه إبراهيم المويلحي الذي كان صحافياً مشهوراً، وأحد تلامذة جمال الدين الأفغاني، ومؤسس جريدة «مصباح الشرق» في القاهرة.تابع دراسته النظامية في مدرسة «الأنجال» ـ أنجال الخديوي إسماعيل ـ ثم في الجامع الأزهر، ولم يكتف بهذه الدراسة، بل أكب على الدرس ومطالعة الكتب في مكتبة والده الغنية، يقرأ العلوم والآداب بنهم لايرتوي، ويتصل بأئمة الأدباء والعلماء من أبناء عصره، يصاحبهم ويلازمهم، ويحضر مجالسهم، حتى حذق العربية، وأتقن أصول البيان.كان أبوه وراء كل خطوة من خطواته، يوفر له المعلمين الخصوصيين، ويصقل مواهبه، ويقوّم لسانه حتى نضج وأجاد اللغات العربية والفرنسية والتركية والإيطالية، وألم بالإنكليزية واللاتينية.
عمل في مطلع حياته في تحرير جريدة «المقطم» لصاحبيها الدكتور يعقوب صروف (ت1927م) و فارس نمر (ت1951م) عدة سنوات، وساعد والده على تحرير «مصباح الشرق» ورافقه في رحلاته إلى تركيا حيث مكث بضع سنوات أجاد فيها التركية؛ وإلى إيطاليا برفقة الخديوي إسماعيل، كما طاف أوربا موفداً من قبل أبيه في بعض مساعيه، أو متفرجاً متنزهاً، كما زار سورية والمدينة المنورة يوم الاحتفال بتدشين الخط الحديدي الحجازي. وعمل في وزارة الحقانية (العدلية) في القاهرة مدة سنتين، وفي تحرير بعض الصحف المصرية، وعين معاون مدير في القليوبية الغربية، ولما استقال تفرغ لمساعدة والده في تحرير «مصباح الشرق»؛ إلى أن عين رئيساً لقسم الإدارة، وسكرتيراً في ديوان وزارة الأوقاف، وقد ظل في هذا المنصب حتى عام 1915م.
ناصر ثورة أحمد عرابي، وكان أحد رجالاتها البارزين، وقد أصدر منشوراً ثورياً أدى إلى عزله من وظيفته. أصيب في أواخر حياته بالفالج، فلزم بيته، وانصرف إلى تأليف كتابه الثاني «علاج النفس»، و ظل عاكفاً على الكتابة، حتى وافته المنية ليلة عيد الفطر في منزله بحلوان (من ضواحي القاهرة).
عُرف المويلحي بشدة الصبر، وقوة العزم، والقدرة على التحمل، وكان محباً للنكتة البارعة، يرويها بأسلوبه المرح واللطيف، عالماً بطبائع المصريين وأخلاقهم وعاداتهم، ومحيطاً بأدق تفاصيل أمورهم.
وقد ارتبط اسم المويلحي الابن بكتابه الطريف «حديث عيسى بن هشام» الذي نشر بعض فصوله الأولى في جريدة «مصباح الشرق» بدءاً من 17 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1898 والكتاب يجمع بين سمات الأدب العربي القديم والأدب الغربي، فهو يجري على أسلوب المقامة في كثير من فقراته في أسلوب قصصي، ويعالج موضوعات اجتماعية.
ليس «حديث عيسى بن هشام» قصة؛ إذ ليس فيه عقدة، وإنما هو لوحات مختلفة تبين بعض الفساد الذي دب في المجتمع المصري؛ وبعض ما حدث من فساد بمصر في مدى خمسين سنة، في نظمها القضائية، وحياتها الاجتماعية والسياسية. ولا يتقيد فيه بأسلوب المقامة من السجع القصير الفقرات، وإيراد مختلف المحسنات والتندر بالغريب كما كان يفعل الحريري، وإنما يلجأ إلى هذا الأسلوب حين يتحدث هو، متقمصاً شخصية عيسى بن هشام، وحين يصف منظراً من المناظر، أما حين يسرد الحوادث، فيلجأ إلى الأسلوب المرسل، ويكاد يقرب من حديث الصحافة، حيث لا تعمّل ولا تكلّف، بل يستعمل أحياناً بعض الكلمات الدخيلة؛ وإن كان ذلك للضرورة والتندّر.
يعالج الكتاب الحياة المعاصرة، وما طرأ عليها من تغيير في فترة من الزمن، وينتقد أوجه الفساد، ويشير إلى النقص، ويتهكم بالانحراف في الطبع والسلوك، ويدل كل ذلك على ما كان يتمتع به المويلحي من قوة ملاحظة، وشدة تغلغل في صميم الحياة، وخاصة حياة الدواوين التي ترتبط ارتباطاً قوياً بمصالح الجماهير.
يتخيل المويلحي ـ وهو نفسه عيسى ابن هشام ـ أنه كان في إحدى المقابر ذات ليلة، بغية العظة والاعتبار، فشاهد قبراً ينشقّ ويخرج منه رجل، فارتعد خوفاً، وهم بالهرب، ولكن الرجل المدرج في الأكفان يناديه وينبئه بشخصيته وأنه فلان (باشا) من قواد العسكرية أيام محمد علي، وأنه يسكن في البيت الفلاني، وعليه أن يذهب لإحضار ثيابه؛ في حوار طريف جذاب، ثم يورد ما أصاب هذا الباشا الذي ظهر في غير زمنه من كوارث ومحن وتجارب ودهشة، وعجب من كل مالاقاه في مصر.
لم يدع المويلحي شيئاً في مصر إلا عرّج عليه ووصفه مادحاً أو قادحاً: أبناء الأكابر، وأكابر العهد الماضي، والمحامي الشرعي وفساده، وزارة الأوقاف وما فيها من مآسٍ وفواجع، المحكمة الشرعية، والطب والأطباء، والإسكندرية، والأمراض المتفشية، والفرق بين العامة والخاصة في طرق العلاج والقدرة عليه… ولا يفوته أن يتكلم عن الأزهر، ومناقشات العلماء وجدلهم في مشكلات لفظية، والمحرم والحلال، والبدعة والضلال، مما يرونه من مظاهر الحياة المعاصرة لهم، ويتهكم بهم تارة، ويرثي لحالهم تارة أخرى، ويتناول التجار والأعيان، ويصف أنماطهم وأحوالهم، ثم الموظفين وأنواعهم وعيوبهم وفسادهم.
عيسى فتوح
مراجع للاستزادة:
ـ عمر الدسوقي، نشأة النثر الحديث وتطوره (معهد الدراسات العربية العالية، القاهرة 1962).
ـ يوسف أسعد داغر، مصادر الدراسة الأدبية (مكتبة لبنان، بيروت 2000م).
 





  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
الأعضاء الذين قرأو الموضوع :- 77
@marwan@, أبو يوسف, محمد محمود صلاح, محمد رضوان, أدهم, مصطفى محمود, مصطفى عادل سلام عبيد, مسك, مهندس مويلحي, مويلحي سابق, الملك الغير. متوج, المدمر, الأصيل, المـــــــــداوي, المويلحي العائد, البحر, البرواااز, الشيك الماسي, السرمدي, الشريف العذبي, الشريف ابو عدي, الشريف صدام, العزوني, الــســيــل, الفهد, الفنان, الوايلي, الوبري, الورده الحمراء, الوكيل الشريف, القلعة, القاك بعيوني, ابو عبدالاله, ابوحمد, ابوفالح, احمد عبد الخالق, ذباح النمر, بدعاويه, بسمة فاروق محمد, خليل المويلحي, حمدسعود, حمـاده, خالد, خبير, حسونة, جودي, love2ksa, mohem, راعي جريسان, n_almowaileh, س المو يلحي, سليمان محمد عبد الغنى, زائر, شبل, شرماء, زعيم تبوك, سعدون, Rebellious, slman, Target, علي ابو علاش, علي عبدالدائم, عابرة سبيل, عاشق الاصايل, عاشق الديره, عبد الله, عز الرهيد, غوادي الشريف, V.I.P, volunteer, نجم البحر, وكيل المويلح, ضامي الشوق, طيف الحبايب, كـــنـ الشمال ق, كنوز البحر
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حياة المويلحي الأوسط عبد السلام باشا المويلحي المويلحي الصغير ساحة قرية المويلح 16 10-22-2013 02:16 AM
إبراهيم المويلحي ودور اسرته المجهول ابراهيـــم الحويطي ساحة المويلحي الأدبية 8 05-10-2009 07:41 PM
"التلبينة" وصية نبوية.. وحقيقة علمية الحويطي ساحة الساقية العامة 10 12-16-2006 11:51 AM
لا يخدعنك الكبير و لا تغفل عن الصغير ALBHAR ساحة الساقية العامة 5 05-07-2006 06:30 AM
مبروك للمويلحي الصغير وكيل المويلح ساحة الحْمُرَه للترحيب والتهاني 15 04-27-2006 01:11 AM


الساعة الآن 03:49 AM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By Almuhajir
 
:+:مجموعة ترايدنت للتصميم والتطوير والاستضافه:+:

:+:جميع الحقوق محفوظه لمنتدى المويلح :+: