عندما عاد ريتشارد برتون من الحج نشر كتابا من ثلاثة أجزاء بعنوان *الحج الى المدينة ومكة*
Pilgrimage to Al-Madinah and Meccah في العامين 1855 - 1856 في لندن، ثم في جزءين في عام 1879 في لندن وبلفاست، كاملين بالملاحق الثمانية. وقد نشر هذا الكتاب عدة مرات لغاية منتصف تسعينات القرن العشرين في لندن ونيويورك وجنيف.
.
أما قصة بحثه عن ذهب مدين فقد بدأت عنما حج، حيث قابل مصريا اسمه *الحاج والي* أخبره بأنه عثر على ذهب في منطقة كانت أرض مدين في أحد وديان شمال شرق البحر الأحمر. واستهوى الذهب قلب برتون . وعندما كان في مصر في مايو 1876 طلب مقابلة الخديوي اسماعيل واستطاع مقابلته بعد قرابة سنة، في مارس 1877، وأقنعه بتمويل رحلة الذهب الاولى. وأخذ برتون يبحث عن الحاج والي حتى وجده شيخا في الثانية والثمانين من عمره. فأخذه معه دليلا، وأوفد الخديوي معهما ثلاثة ضباط مصريين ومهندس معادن فرنسيا، فسافروا على المركب *سنار* الى المويلح ومن هناك الى جبل الابيض عل اعتبار أنه وادي مدين. لكن المفاجأة كانت أن الحاج والي لم يستطع أن يتذكر مكان الذهب الذي وجده قبل 24 سنة. ووجدت البعثة بعض المعادن غير الذهب فعادت الى مصر محملة بالحجارة في مايو 1877.

رحلة الذهب الثانية مولها الخديوي نفسه آملا الحصول على الذهب لفك ورطته المالية. وهكذا سافر برتون الي المويلح فوصلها في 19 ديسمبر 1877 وانتقل منها في يناير 1878 الى جبل الأبيض ثم في 29 مارس 1878 توغل برتون ورجاله مع قافلة تتكون من 58 ناقة وجملا الى أم حرب وأم القريات حيث وجدوا كهوفا خالوها مناجم ذهب، فجمعوا منها 6 أطنان من الحجارة وأرسلوها بقطار خاص (تعطل في الطريق وشبت فيه النار ثلاث مرات) الى القاهرة. وبعد غسل هذه الحجارة وكسرها تبين أنها تحتوي معادن غير الذهب. وقدم برتون تقريره الى الخديوي وغادر مصر في يوليو 1788 .