عندما نفى المحتلون الانجليز الخديو الوطني اسماعيل باشا، اختار الخديو أن يذهب الى ايطاليا، وأقام في البداية مع زوجاته الثلاث والأسرة والحاشية في مدينة نابولي بإيطاليا، في فندق اسمه Albergo Reale per gli Stranieri (فندق الأجانب الملكي) أمام شاطئ البحر وقبالة الحصن البحري الذي يميز نابولي واسمه Maschio Angioino . كان ذلك في سبتمبر 1879 م.

وقرر رئيس الوزراء الإيطالي آنذاك تكريمه بالإقامة في سراي دأبنا على سماع اسمها " فافوريتا" كانت ملكيتها قد آلت الى مصلحة الأملاك الحكومية الإيطالية.

وبعد أن استقر الخديو والبطانة في تلك السراي في عام 1880 استدعى صديقه الأديب والصحفي والسياسي ابراهيم باشا المويلحي من القاهرة ليسكن معه في تلك السراي ويوكل اليه شؤونه الخاصة، ولا سيما المراسلات الخديوية الموجهة الى السلطان العثماني وملوك آخرين، ويعلم أبناءه اللغة العربية (ومنهم الأمير أحمد فؤاد الذي أصبح بعد ذلك "الملك فؤاد الأول"). وقيل ان المويلحي كان مستشار الخديو في ايطاليا، وقيل في روايات أخرى انه كان "سكرتيره الأول". والعمل في الحالتين واحد.

وعندما سافر والدي الى روما في مهمة لأربع سنوات (1960 - 1964)، بحث طويلا عن هذه السراي ولم يجدها. فقد كان يبحث عن Palazzo della Favorita (الترجمة الايطالية لعبارة "قصر فافوريتا" التي تناقلتها الأخبار) في مدينة نابولي (حسب الروايات المتواترة، ولم يكن والدي قد عاصر جده ابراهيم باشا المويلحي الذي توفي في مطلع عام 1906 ، أي قبل مولد والدي بست سنوات).

وبعد أن أمضيت في الغربة 50 سنة تقريبا، ظللت أبحث أنا أيضا عن المكان، وباءت جهودي بالفشل لغاية الشهر الماضي، وأكرمني الله بتوفيقه في نهاية المطاف.

هذه السراي اسمها Villa Favorita وهي ليست في مدينة نابولي ولكن في ضاحية في محافظة نابولي اسمها Ercolano ، عند سفح بركان فيزوف Vesuvio وعلى ضفاف البحر المتوسط أمام جزيرة إيسكيا Ischia وجزيرة بروتشيدا Procida وخليج سورنتو Golfo di Sorrento .
وعنوانها لمن يريد رؤيتها على Google Earth :
via Gabriele D'Annunzio 36 في ضاحية Ercolano
وقضى المويلحي في هذه السراي قرابة سنتين 880-1882 سافر بعدهما الى فرنسا، وطرد منها في نوفمبر 1882 بايعاز من السلطان العثماني الى وزير الداخلية الفرنسي عن طريق السفير التركي، فانتقل الى بلجيكا. ثم استدعاه السلطان (عبد الحميد الثاني) الى الآستانة عضوا في مجلس المعارف السلطاني فأقام المويلحي في اسطنبول قرابة عشر سنوات (1885-1895) عاد بعدها بلا استئذان من السلطان الى القاهرة وأصدر كتابه الشهير "ما هنالك" الذي فضح فيه مؤامرات البلاط العثماني وتوقع فيه سقوط الامبراطورية العثمانية، وهذا ما حدث بالضبط.

وقد اتصل بي قبطان إيطالي كان والد جده قبطانا هو أيضا صعد على باخرة الخديو اسماعيل باشا ليرحب به في نابولي. وقال لي هذا الحفيد ان لديه مخطوطة اذن الصعود على الباخرة الخديوية المصرية ومخطوطات أخرى، واقترح تنظيم حفل ثقافي في السراي لإحياء ذكرى سكن الخديو والمويلحي. وإن شاء الله سننظر مع بعضنا في هذا الأمر قبل نهاية هذا العام الميلادي.

اشكرك يابو ابراهيم للتقصي عن تراث وتاريخ المويلحيين في مصر وخارجها وهذا الجهد الدأؤب موروث وعامل مشترك في المويلحيين ولله الحمد.وذكرتني بمقولة للدكتور علي شلش لعل الله يقيض من يجمع شتات المويلحيين .وهذا المطلب تحقق على ايدي احفاد المويلحيين انفسهم واول المساهمين في ذلك انت ايه الاخ العزيز.

شكرا يابوخليل على هذا الموضوع القيّم

ومن يعرفك عن قرب لن يستغرب هذا الطرح
ولن يصعب عليه رؤية مدى الاهتمام الذي
توليه لمثل هذه القضايا التي تتعلق بكل
ما هو "مويلحي" بشكل خاص
وماهو "تاريخي" بشكل عام ..

وكنوع من المشاركة على هذه الصفحة القيّمه
أرفق بعض الصور للسراي ..














تحياتي

و ((كل عام وأنت بخير))

شكرا على هذه الصور الجميلة!
السراي تتكون من حديقة مترامية الأطراف (أصبحت مفتوحة لتنزه الجمهور) فيها سراي الحفلات وقصر السكن، ويوجد خارج الحديقة اسطبل خيول بني خصيصا للخديو.

الصورة الأولى تبين سراي الاستقبال والحفلات، والصورة الثانية يظهر فيها بركان فيزوف مغطى بثلوج الشتاء، والصورة الرابعة لقصر الاقامة وهو قصر منيف موجود على طرف الحديقة ويطل على الشارع العمومي . وقد وضعت على واجهته المطلة على الشارع لوحة تذكارية تثبت إقامة الخديو اسماعيل باشا.

والسبب في تأخر الدولة في إنهاء أعمال ترميم مباني سراي فافوريتا هو اضطرارها الى ترميم 199 فيلا وقصر وسراي تاريخية أخرى في المنطقة تتراوح أعمارها بين 200 و250 سنة .

الحمد لله ان كلل جهود الوالد رحمه الله **وجهودكم بالنجاج اخيرا
تاريخ عريق من النضال والمعاناة**
أسرة عالمية جابت أقطار العالم
تركت أثارا لا تمحى **ولازالت
حديث ذو شجون عن هؤلا العمالقة
فكرة أحياء تلك الرحلة فكرة رائدة نتمنى ان تتهيأ وتتحقق لها الظروف المناسبة**
شكرا ابوأبراهيم وفقك الله **

السلام عليكم ورحمة الله ورحم الله آباءنا وأجدادنا وأسكنهم نعيم جنانه.

استطعت أخيرا أن أرى اللوحة التذكارية الموضوعة على واجهة القصر الذي يحد سراي فافوريتا من ناحية الشارع العمومي، وأود أن أسجلها لكم:

"في هذا المكان الهادئ، وجد اسماعيل المعظم خديو مصر - ابن الفاتح ابراهيم باشا وحفيد محمد علي الكبير مؤسس الأسرة المالكة المصرية - الملاذ وراحة أسرته في يوليو 1879 ولتسع سنوات في كنف الضيافة الحنون من جانب الأسرة المالكة لإيطاليا آنذاك وفي ظل تعاطف الجميع معه. وتقاسم معه أولى سنوات المنفى الأمير فؤاد المقدر له مصير آخر وملك مصر فيما بعد"

وقد حيرتني هذه اللوحة لأن المعروف أن الخديو اسماعيل باشا وصل ايطاليا في سبتمبر - لا في يوليو - من العام المذكور، وكان يقطن بفندق الأجانب الملكي في نابولى الى أن قرر رئيس الوزراء الايطالى "كايرولي" وضع سراي فافوريتا تحت أمره. ولم يستدع الخديو اليه المويلحي إلا في عام 1880 بعد أن انتقل الى هذه السراي.

وقد نكتشف من المخطوطة أن كتب التاريخ أخطأت، أو أن اللوحة التذكارية تعوزها الدقة لأنها وضعت في عهد قريب.

وان شاء الله تتضح الأمور بعد أن أقابل القبطان البحري باولو بينيالوزا Paolo Pignalosa وأطلع على المخطوطة التي أذنت لوالد جده بالصعود الى الباخرة الخديوية لاستقبال الخديو. وعندئذ يمكنا تحديد التاريخ الحق. وأن شاء الله سأسأل عن محفوظات السراي عسى أن أجد فيها مخطوطات المويلحي.

موفق يأبو ابراهيم وانت قدر المهمه . دون لنا تراث الجد الاديب السيد ابراهيم المويلحي في ايطاليا
اثناء مرافقته للخديوي في منفاه . ولك تحياتي وتقديري.