عرض مشاركة واحدة
قديم 06-21-2014, 03:03 AM رقم المشاركة : 13 (permalink)
القلعة
المدير العام
 
الصورة الرمزية القلعة





القلعة غير متواجد حاليآ بالمنتدى

افتراضي

دولة الجواسيس
كتاب مجهول للمويلحي يكشف العمليات السرية في عهد السلطان عبدالحميد


صدر كتاب إبراهيم المويلحي «ما هنالك» عام 1896، وهو في انتقاد سياسات بلاط السلطان عبدالحميد.. وأهمية الكتاب في وقت صدوره وفي كاتبه الذي وضع كتابه بناء على ما شاهده وسمعه بنفسه، فقد عاش سنوات في العاصمة العثمانية، الآستانة، وكان مقرباً من سراي يلدز مقر حكم السلطان، وكان عبدالحميد قلقاً من اهتزاز صورته، خاصة في مصر، منذ أن تخلى عن أحمد عرابي أثناء مواجهته مع الإنجليز، كان السلطان قد أصدر بياناً بعصيان عرابي وكفره بدعوى أنه لا يحترم آل البيت، فضعضع موقف عرابي، وقدم سنداً لخصومه وللإنجليز، ما سهل أمام الإنجليز احتلال مصر وهزيمة عرابي، وأدى هذا الموقف إلى نمو عداء حقيقي للسلطان في مصر.
قرر عبدالحميد مصادرة الكتاب فأرسل إلى مؤلفه يطلب إليه أن يجمع كل نسخ الكتاب ويرسلها إليه في مقر حكمه، وهكذا فعل المويلحي، وحدث أن المويلحي كان قد وزع عدداً من النسخ بلغت 12 نسخة هدايا على أصدقائه وأقاربه، وآلت نسخة من هذه النسخ بعد مرور قرابة قرن من الزمان إلى الباحث الدؤوب أحمد حسين الطماوي، فقام بإعدادها للنشر بمقدمة ودراسة تاريخية، وأصدر الكتاب سنة 1985، ثم نفدت تلك الطبعة فأصدر طبعة جديدة منه مؤخراً مع التوسع في الدراسة التاريخية حوله، قبل إعادة اكتشاف هذا الكتاب تصور بعض الدارسين أنه لم يصدر نهائياً وأنه كان مجرد مشروع لدى المويلحي تحدث عنه وتحدثت عنه صحف ذلك الزمان من دون أن يصدر، هكذا تصور ناقد في وزن الراحل د. علي شلش.
لا يقدم الكتاب تأريخاً للدولة العثمانية ولا للسلطان عبدالحميد، لكنه يقدم شهادة على ما يمكن أن يحدثه الاستبداد، وسيطرة الهواجس الأمنية على الحاكم، وهذا هو المعنى الذي لا يدركه الكثيرون، وهو أنه مع شدة الاستبداد وتحويل كل قضية إلى موضوع أمني، فإن ذلك يكون مؤشراً على قرب سقوط الحاكم وانهيار حكمه، وقد وصل السلطان عبدالحميد في هذا المجال إلى أقصى حد، رغم أن أحداً لا ينكر قيامه ببعض الإصلاحات داخل الدولة من بناء المدارس والاهتمام بالتعليم عموماً وإصلاح الاقتصاد، لكنه أفسد ذلك بخوفه المبالغ فيه من أي رأي أو تفكير لا يوافق هواه وشكه البالغ في الجميع بمن فيهم المقربون منه وكبار مساعديه ومعاونيه.
توسع عبدالحميد في استخدام الجواسيس في أنحاء الدولة، وعلى المقربين منه والأخطر من ذلك أنه كان ينصت جيداً لهؤلاء الجواسيس ويصدق ترهاتهم وحدث أن عرضت محتويات إحدى التركات للبيع في مزاد علني فذهب رجل في الجيش العثماني برتبة فريق، واشترى من هذا المزاد (35 مقعداً) كان معجباً بها، وعلى الفور نقل أحد الجواسيس الواقعة إلى السلطان، وزاد عليها استنتاجه التآمري بأن شراء هذا العدد من المقاعد يعني أنه يدير تنظيماً سرياً ويعقد اجتماعات في بيته ضد السلطان وأنه لا يمكن أن يحتاج إلى هذا العدد لغير ذلك وعلى الفور تمت الإطاحة بهذا الرجل من الجيش، رغم كفاءته العسكرية وتميزه في القيادة.
ويقدم المويلحي العديد من الوقائع المشابهة حول تقارير جواسيس عبدالحميد وفهمهم للأمور حتى أن عارف باشا ناظر المعارف الشهير عزل من منصبه لأنه ألف كتاباً تحدث فيه عن حشرة الحباحب التي يضيء ذيلها في الليل كالنجم واسمها «يلديز» أي النجم، لكن كتبة التقارير فهموا أنه تحدث عن هذه الحشرة واسمها للتهكم على قصر السلطان. وقد أدت أفعال هؤلاء الجواسيس وتقاريرهم إلى كسر هيبة السلطان والسلطنة بنظر الكثيرين، وأثارت الحقد لدى عامة الناس وخاصتهم أيضاً على السلطان وملأت نفس السلطان قلقاً وغضباً من الآخرين وحتى المقربين منه.

 





  رد مع اقتباس
 

SEO by vBSEO 3.3.0