الموضوع: مكانة المرأة (1)
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-18-2011, 12:33 PM رقم المشاركة : 1 (permalink)
خليل المويلحي
نائب المدير العام






خليل المويلحي غير متواجد حاليآ بالمنتدى

افتراضي مكانة المرأة (1)

لكل بناء أساس لا يستقيم إلا به، والتفكير والاستنتاج والاستقراء والاستنباط كلها أمور تشكل بناء منطقيا لا يختلف عن البناء المادي ولا يبدأ من فراغ بل يستند هو أيضا إلى أساس. فإذا أردنا أن نفكر في المكانة أو الحقوق أو الحرية أو المساواة التي تستحقها المرأة فلا بد لنا من الاستناد إلى البيانات العقيدية والتاريخية قبل الخوض في البيانات الاجتماعية الحديثة، لأن أفكار المجتمع ما هي إلا نتاج عقائده وتاريخه.
كلنا نعلم أن الله سبحانه وتعالى خلق الرجل (آدم) ليجعله خليفة في الأرض. وعظّم شأنه بأن علمه ما لم تكن المخلوقات الأخرى تعلم، وطلب من الملائكة أن تسجد له، وأسكنه جنة الأرض لا يجوع فيها ولا يظمأ وله فيها من كل الثمرات. ولا غرابة في كل ذلك لأن آدم صنيعة الله المباشرة، لم يولد من نطفة في قرار مكين.
وأعطاه الله ما لم يعط ملائكته، فالملائكة لا تعصي لله أمرا وتفعل ما تؤمر وتسبح بحمده تعالى.بكرة وأصيلا. أعطاه أمانة لم يحملها من قبله أحد. أعطاه ما نسميه اليوم "حرية التفكير" بأن ألهم نفس آدم (وأنفسنا من بعده) فجورها وتقواها ليختار الإنسان بنفسه ما يريد وما يفعل وليصبح مسؤولا عنه، ولم يجعله مطيعا تماما كالملائكة ولا متمردا تماما كالشيطان.
كل هذه النعم لم تكف آدم، فقد وجد نفسه وحيدا وشعر بالحاجة إلى من يقاسمه حياته. ومن أدرى من الله سبحانه وتعالى باحتياجات مخلوقه. فخلق الله امرأة (حواء) لتشاطره حياته والجنة. فكانت حواء نعمة الله الكبرى على آدم، نعمة تجاوزت سد الرمق وإشفاء الظمأ.
وكانت حواء مساوية لآدم من حيث أنها لم تولد من نطفة.
وكانت مساوية لآدم من حيث "حرية التفكير"
وكانت مساوية لآدم من حيث سكنى الجنة ورغد العيش.بشرط الطاعة.
ولم تكن هي التي بحاجة إليه، بل العكس. فقد خلقها الله ليسكن إليها آدم، أي ليجد في قربها منه السكينة والراحة والطمأنينة والونس وتبادل العواطف، وهي كلها أشياء كانت تنقصه هو.
وصحيح أن الملائكة لم تسجد لحواء. فقد كان السجود لآدم (ممثل البشرية) كي يعرف عدوه، وكان من مقاصد السجود أن يكون استكبار الشيطان سافرا لا خافيا عن عين الإنسان، وألا يكون لدى الإنسان أدنى شك في عداء الشيطان وكراهيته للانسان، فلا يميل الإنسان إلى عبادته (حبه). وكان ذلك الإثبات قد حدث قبل خلق حواء، ولم يكن هناك داع لتكراره.
حواء لم تكن شاهدا مباشرا لواقعة سجود الملائكة واستكبار الشيطان، وبالتالي فإن الأحق بالعقاب في حالة الخطأ هو آدم لأنه هو الذي رأى الإثباتات ولمسها بنفسه وهو الذي حظي بالتبجيل ثم تغاضى عن كل ذلك. وكلنا نعرف من باب العدل أن الشاهد لا يتساوى مع الغائب.
لكن التساوي بين المرأة والرجل كان في معرفة الحدث، لا في حضوره شخصيا.
وهنا تساوت أيضا المرأة بالرجل.في المعرفة.
وهنا نحتاج إلى وقفة سريعة نطل فيها على معتقدات اليهود والنصارى بخصوص ما سبق. إنهم يدعون أن حواء هي التي استكانت لوسوسة الشيطان وهي التي أوعزت إلى آدم أن يقرب الشجرة المحرمة. وهذا الاعتقاد أدى إلى اضطهاد المرأة وتحقير مكانتها ومطاردتها وفتنها (أي حرقها حية) لعدة قرون حتى على يد الكنيسة البابوية.
لكن الله سبحانه يأبى إلا أن يتم نوره. فعلمنا في القرءان أن المرأة لم توسوس إلى الرجل ولم تأخذ بزمام المبادرة وإنما الشيطان وسوس لهما مع بعضهما، وذلك بدليل الآيات القرءانية المتعددة التي استخدمت المثنى، لا المفرد المذكر ولا المفرد المؤنث. وهذه بينة أخرى على المساواة.
هبط آدم وزوجه من الجنة عقابا لهما على العصيان، والهبوط معناه الخروج من الأفضل إلى الأدنى. فلم يفترقا بل استكملا حياتهما مع بعضهما ورزقا بالبنين والبنات. فظلت حواء تؤدي واجبها الذي خلقت من أجله: أن يسكن إليها آدم المحتاج إلى السكينة.
وتغيرت حياة آدم إلى كد وتعب وكفاح وعرق. وتغيرت حياة حواء إلى ألم وحمل ووهن على وهن واضطرت إلى تدبير ما أصبح يعوزهما وأولادهما من مأكل ومشرب. لم يجعل آدم حياتها جحيما بالمعايرة أو التحقير أو الإهانة أو المعاتبة، وكيف له ذلك وهي التي يسكن إليها؟ وكيف له ذلك وهي قطعة منه؟
هكذا تساوت معه في العقاب بعد الرضاء وتساوت معه في الضنك بعد الرغد.
وتعلمنا أنهما خلفا ذرية من البنين والبنات، وعلمنا من القصص القرءاني ما حدث لهابيل على يد أخيه قابيل، فكان أول مثال للشر في الذكر لا في الإناث.
 





  رد مع اقتباس
 

SEO by vBSEO 3.3.0