عرض مشاركة واحدة
قديم 05-05-2010, 05:17 AM رقم المشاركة : 3 (permalink)
الشريف النموي
عضو جديد





الشريف النموي غير متواجد حاليآ بالمنتدى

افتراضي

الوهم الثالث:

خلط الكاتب وعدم معرفته باصطلاحات العلماء وقراءتها وفهمها الفهم الصحيح، وتنزيلها كما أراد العلماء بوضعها في مرادهم وذلك عند قوله: «ثم إن ابن فندق فسر عبارته (لا عقب له) في كتابه بتفسيرين، ولم يرجح أحدهما، الأول: قوله (لا عقب له): خلاف بين النسابين، فقوم يقطعون على واحدٍ أنه لا عقب له، فإن رجح ابن فندق هذا التفسير ـ أي على واحد أنه لا عقب له ـ يكون قد ناقض نفسه، فقد ذكر في كتابه «لباب الأنساب» أن لعبد الله ابناً اسمه محمد. وأما تفسير ابن فندق الثاني لقوله: (لا عقب له: قوم يشكون فيه وفي عقبه)، فإن رجح ابن فندق هذا التفسير، يكون بشكه هذا قد خالف جمهور المحققين من علماء النسب ومؤرخي مكة المتقدم ذكرهم». انتهى.

وهذا تكلف عجيب من الكاتب في حمل كلام ابن فندق على غير محمله، وما يريد من محاولة إظهار وجود شبهةٍ خللٍ في أعقاب محمد الأكبر وابنه عبد الله الأكبر بزعم التناقض عند ابن فندق والمخالفة لكلام المحققين من العلماء، والحقيقة الواضحة أن ما ذكره هذا الكاتب في وادٍ وكلام العلامة ابن فندق في واد آخر، وعفا الله عمن ألزمنا ببيان هذا التخليط المؤسف.

ولكي نتناول هذا الكلام بتفنيد أوهامه، نقول:

أولاً: كلام الكاتب هذا ساقطٌ من أساسه بعدما بيّنّا أن كلام ابن فندق ليس مخالفا لاتفاق النسابين على صحة نسب قتادة بن إدريس جدّ ذريته من الأشراف، وأن ابن فندق لم يدع انقراضَ ذرية عبد الله بن موسى جد قتادة، كما ادعى الكاتب، وأن الذي ذكر انقراضَ عقبه هو شخصٌ آخر غيره، وأن هذا ظاهرٌ في كلام ابن فندق غير خفي كما تقدم بيانه وتفصيله ؛ فما كان لابن فندق أن ينقل الاتفاق إلا على ما الاتفاقُ واقعٌ عليه, من صحة هذا النسب واستمرار هذه الذرية المباركة المعلومة باضطرارِ التواتر ويقينيةِ الاستفاضةِ الكاملة.

وهذا الرد كاف للرد على تخليط الكاتب (عفا الله عنه), ويدل على أن جد آل قتادة خارجٌ عن كلام ابن فندق، وأن محاولة الكاتب تنزيل كلام ابن فندق عليه لا مكان له ولا مجال لإيراده فيه. ومع ذلك فزيادة منّا في الإفادة: نودُّ بيان معنى ما ذكره ابن فندق.

ولذلك نتمّم الجواب، فنقول:

ثانياً: أن ابن فندق في مقدمة كتابه كان يتكلم عن بعض إطلاقات النسّابين، وعن معانيها، ومتى يستخدمونها، واختلاف بعض مواقفهم في طريقة تعبيرهم عن الأنساب المقطوع بعدم صحتها أو التي يُشكُّ في عدم صحتها. ولم يكن ابن فندق في هذه المقدمة متكلّماً عن اصطلاحه هو في كتابه, أو ما هو ترجيحه كما توهّم الكاتب، وحاول تقريره بوضع احتمالات في معرفة ذلك الترجيح.

وبالرجوع للنسخة المطبوعة لكتاب ابن فندق في «اللباب» يظهر ذلك جلياً، حيث جاء فيها ما نصه: «فصل: وعلماء الأنساب يقولون: مات ودرج وانقرض ولم يعقب، وفي كل لفظ فائدة يعرفها أرباب تلك الصناعة، فأصل درج كما ذكر الجوهري في كتاب الصحاح: مشى، يقال: درج الرجل والضب يدرج دروجاً ودرجاناً، أي مشى، ودرج أي مضى لسبيله، يقال: درج القوم إذا انقرضوا والاندراج مثله، وفي المثل: أكذب من دب ودرج، أي: أكذب الأحياء والأموات، قال الأصمعي: درج الرحل إذا لم يخلف نسلاً. فأهل المغرب يطلقون لفظ درج على من مات فحسب، وأهل العراق يطلقون لفظ درج على من انقرض ولم يخلف نسلاً.

والأصل في درج أي مات ولم يخلف نسلاً، وانقرض، أي: كان له عقب فانقرض هو وعقبه. والشبهة في الأنساب تقع من هذا اللفظ: لأن من انتمى إلى من لا عقب له، أو له عقب فانقرض كان مدعياً، وفي من لا عقب له خلاف بين النسابين، فقوم يقطعون على واحد أنه لا عقب له، وقوم يشكون فيه وفي عقبه، وهاهنا تسكب العبرات».

فيتضح من هذا النص أن ابن فندق كان يتحدّث عن أحد وجوه الاختلاف بين النسّابين، ولم يكن في سياق بيان اصطلاحه هو في كتابه .

ثالثاً: مراد ابن فندق (إذا صحت العبارة في مطبوع كتابه): أن يبيّنَ أن بعض النسّابين ربما قالوا عمن كان له نسب ثم انقرض: «انقرض»، وربما قالوا هذه العبارة نفسَها: «انقرض» عمن لم يُعْقِبْ أصلا، وهذا ربما كان سبباً في الاشتباه؛ لأن هناك فرقا كبيراً بين من كان له نسبٌ وذرية، لكنها انقرضت، ومن لم يكن له ذريةٌ أصلاً. وكان يتمنى ابن فندق (بحرقةِ: هنا تسكب العبرات) أن يكون النسابون قد اتفقوا على التفريق بين الحالتين.

وسبب هذه الحرقة: أن اختلاف النسابين المذكور جعل الواقفين على كلامهم ممن جاء بعدهم يختلفون فيمن قيل عنه انقرض؛ لاحتمال أن الانقراض قد قُصد به عدم إعقابه وأنه لم يكن له ذرية، ولاحتمال أن يكون قد قُصِدَ به أنه أعقبَ ذريةً، لكن ذريته هذه قد انقرضت من بعده، بجيل أو جيلين أو أكثر. ولذلك فقد كان بعض النسابين إذا وقف على عبارة «انقرض» يقطع بالمعنى الأول: أي أن فلاناً لا عقب له، وآخرون يشكون في بعض الأنساب المنقرضة التي قيل عن جدهم إنه انقرض؛ لورود احتمالين على قولهم «انقرض»: الاحتمال الأول: أن تكون أصولُ أنسابِهم المنقرضة صحيحةً، لكون من ينتسبون إليه قد أعقبهم فعلا، ثم انقرضوا هم من بعده. والاحتمال الثاني: أن يكون انتسابهم غيرَ صحيحٍ من أصله؛ لأن الشخص الذي انتسبوا إليه مات ولم يكن له ذرية أبداً، فلا عقب له أصلاً. ولورود هذين الاحتمالين على قولهم «انقرض»، توقّف بعض النسابين عند الشك، دون القطع. وهنا تُسكب العبرات لعدم قدرة الباحث (في بعض الأحيان) على القطع؛ بسبب احتمال عبارة «انقرض» للمعنيين السابقين.

فهو عندما قال: «فقوم يقطعون على واحد أنه لا عقب له، وقوم يشكون فيه وفي عقبه» يقصد: أنه إذا قال بعض المتقدمين من النسابين عن رجل إنه انقرض، ثم ورد أن أحدا قد انتسب إليه، اختلف النسّابون المتأخرون في هذا الذي انتسب إليه: فمنهم من يقطع بعدم صحة دعوى نسب هذا المدّعِـي؛ لأنه فَهِمَ قولَ من سبقه من النسابين عن أحد رجال عمود النسب المدّعَى «بأنه انقرض نسبُه» على قَصَدَ بذلك: أن ذلك الرجل لم يكن له أبناء أصلاً، وبذلك جزم أولئك النسابون بأن الذي ادّعى الانتسابَ إليه مدعٍ كاذب في دعواه؛ لأن الرجل الذي انتسب إليه لا عقب له أصلاً. وآخرون من النسابين لهم موقفٌ مختلف: فهم يشكون في هذا النسب المنقرض، فقد يكون المنتسب إليه مدّعياً كاذباً؛ لأن من انتسبوا إليه قد مات ولم يكن له ذرية أبداً، فلا عقب له أصلاً, وقد يكون صادقاً، لأن من قيل عنه «انقرض» قد كان له ذرية، كان هذا المذكور منهم هو وذريته التي انقرضت من بعد. فبسبب هذا الاحتمال يشك هذا القسمُ من النسابين، ولا يقطعون؛ لاحتمال عبارة «انقرض» للمعنيين كليهما، كما سبق بيانه.

وهذا كله: من القطع والشك إنما يخص الأنساب المنقرضة، التي لا خلاف في انقراضها. وإنما يقع الاختلاف بين النسابين بسبب هـذا الاختلاف بينهم فـي دلالـة «انقرض»: في جيل الانقراض، وفي زمنه, وعند من انقطع النسل تماماً، مع اتفاقهم على انقراض ذلك النسب الذي اتفقوا فيه على التسليم لمن نَقَلَ فيه الانقراضَ من أئمة النسب.

هذا هو معنى كلام ابن فندق الذي تدل عليه عبارته حسب مطبوعته، والتي إن التمسنا العذر للكاتب في عدم فهمها، بسبب ضعف إحكام عبارته فيها (إن صحّت المطبوعة)، فإننا نلومه على إبعاده الشديد في فهمها، وفي تنزيلها على التشكيك في الأنساب المتفق عليها!!

رابعاً: أن معنى انقرض ولا عقب له مؤداهما واحد. فانقرض تدل على أنه كان له عقب ثم انتهى ولا بقية له، ولا عقب له هو أنه لا ولد له وكلاهما يؤدي معنى أن الشخص لا عقب ولا بقية له. ألا ترى أن بعض النسابة يقول عن فلان لا عقب له في زماننا، والآخر يقول انقرض عقبه والمعنى فيهما واحد. فاستخدام هذه الألفاظ للدلالة على انتهاء العقب وأنه لا بقية له مما يقوم بعضها مقام بعض وأحياناً تكون واضحة وأحياناً يدل السياق عليها أو بجمع كلام العلماء بعضه مع بعض ولذلك وجد من علماء النسب من يستخدم عبارة لا عقب له للدلالة على انتهاء العقب بعد أن كان له بقية وهي في المحصلة بمعنى انقرض وانتهى عقبه. فما تقدم من المعاني المتقاربة التي تؤدي لمعنى واحد أو قريب منه.

ومما يذكر أن معنى انقرض يستخدم في معنى لا عقب له بأنه لا ولد للشخص. وهذا يذكر عن بعض علماء النسب فجاء في كتاب علم النسب لغته. مصطلحه. رموزه في القسم الثاني في حرف الدال ص86، 87:

«درج يقال فلان درج أي مات ولا عقب له، أي انقرض ولم يخلف نسلاً، أو من كان لا ولد له، ولعلها من المصطلحات وقد يخففونها برج، أو ج. وقيل: إن درج فلان إذا مات صغيراً قبل أن يبلغ مبلغ الرجال. قال الأصمعي: درج الرجل إذا لم يخلف نسلاً فأهل المغرب يطلقون لفظ الدرج على من مات فحسب، وأهل العراق يطلقونها على من انقرض ولم يخلف نسلاً، من درج: أي مات ولم يخلف نسلاً. أقول ـ يعني مؤلف علم النسب ـ: درج ـ كما في صحاح الجوهري ـ المشي، ودرج: أي مضى سبيله، يقال درج القوم: إذا انقرضوا والاندراج مثله».

خامساً: إن تكرار محاولة إيجاد فرضية التناقض هذه في كلام ابن فندق يومي بأن الكاتب يحاول تقرير هذه الشبهة في الأذهان. فتكرار وقوفه عليها وحشده لما يشيدها والتمحل في فهمها وتحميله لها ما لا تتحمل يشهد لذلك. ولولا أننا لا نريد أن ندخل في النيات، ونريد أن نحسن الظن قدر المستطاع، لكان لنا (وربما لآل قتادة كلهم) منه موقف آخر يناسب ذلك الإيماء والتلميح! لكننا نكتفي الآن ببيان سقطاته وتخـبُّـطاته، ونحملها على أحسن المحامل، وهي أنها وقعت منه بجهل، ودون تعمّد.

الوقفة الرابعة

جراءته على العلامة ابن فندق ووصفه له بأنه صاحب تسرع، ومجازفات، وأن كتابه حافل بالتسرع في النفي، وذلك عند حديث ابن فندق عن أنساب أهل بلاد المغرب الأدارسة والسليمانيين.

ومثل هذه العبارات لا تليق بطالب علم أمام أولئك الأعلام الكبار الذين كانوا أهل السبق في تدوين هذا العلم، وتأصيل قواعده، والذين ليس لهم منا إلا الاعتراف بفضلهم، وجهدهم العظيم، وهم بشر يصيبون ويخطئون ولا عصمة فيما نقل إلينا إلا في كتاب الله وما صح عن نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

ولكن للعلماء وأهل الفضل حق في الاعتذار والتأول لهم، وحملهم على أحسن المحامل كابن فندق وأمثاله ممن خدموا النسب الشريف فكونه حصل منه خطأ في أنساب أهل المغرب فإن الأولى واللائق أن يعتذر له بأنه يكتب عن بعد، وأن الخلل فيمن نقل له، ومثل ابن فندق يبعد أن يتعمد الخطأ في الأنساب، وخاصة النفي.

علماً أن من يكتب في أقاصي بلاد المشرق الخطأ في مثل هذا متوقع منه خاصة مع ما تعرضت له دولة الحسنيين في المغرب من المصائب والخطوب التي أخفت كثيراً من أخبارهم كنحو ما حصل لهم من الدول التي أزالت دولتهم، إضافة إلى البعد الشاسع بين الديار.

وقد أشار لمثل هذا النسابة العلامة المعروف بابن الحاج السلمي أحد كبار علماء النسب بالمغرب في كتابه «الإشراف على بعض من بفاس من مشاهير الأشراف» ص1/106، عند حديثه عن أعقاب إدريس بن إدريس بن عبد الله المحض رضي الله عنهم حيث قال:

«وكان للكثير منهم في الأجيال الماضية الشهرة التامة، لكن اختلاف الأحوال وشدة الخطوب والأهوال وأذى الملوك الذين اغتصبوا خلافتهم أدى الكثير منهم إلى الاختفاء والدخول في غمار العامة، فغطى ذلك على أنساب الكثير منهم، وسلبهم الشهرة، وكلا الحالين منة من الله فإن من أبقى عليه حلة الشهرة جعلها كرامة عاجلة، والمرجو من إحسانه أن يعطيه أكثر منها أجلة ومن لا فقد ادخرها له ليوم القيامة».

ولهذا كان النسابة ابن عنبة وهو بالعراق صاحب احتياط مع أنساب بني إدريس في أن يتكلم فيهم بغير علم لبعد ديارهم وخفاء أخبارهم عنه فقال عنهم في «عمدة الطالب» ص186 بعد ذكر أصول أنسابهم ومحالهم التي نزلوا فيها ببلاد المغرب مع تصحيحه لبقائها ما نصه:

«فأعقب إدريس بن إدريس بن عبد الله من ثمانية القاسم وعيسى وعمر وداود ويحيى وعبد الله وحمزة وقد قيل أعقب من غير هؤلاء أيضاً، ولكل منهم ممالك ببلاد المغرب، بها ملوك إلى الآن… وبنو إدريس كثيرون وهم في نسب القطع يحتاج من يعتزي إليهم إلى زيادة وضوح في حجته لبعدهم عنا وعدم وقوفنا على أحوالهم».

وقال عن عقب سليمان بن عبد الله المحض أخو إدريس المعقب ببلاد المغرب في «عمدة الطالب» ص182 ما نصه: «وهم في نسب القطع أى انقطعت أخبارهم عنا واتصالهم عنا قال الشيخ أبو الحسن العمري قال أبو الحسين ـ يعني شيخ الشرف محمد بن أبي الحسين العبيدلي النسابة: لم أسمع لهذا الفخذ خبراً إلى هذه الغاية ثم… ولا شك أن بني سليمان بن عبد الله بالمغرب إلى الآن وهم أقل من ولد إدريس بن عبد الله المحض».

وقال أبو الحسن العمري في «المجدي» ص61:

«وجميعهم بالمغرب في جملة أنساب القطع ولم أسمع لهذا الفخذ خبراً إلى هذه الغاية والله أعلم بهم هذا لفظ أبي الحسن ـ يعني شيخ الشرف العبيدلي».

وقال شيخ الشرف العبيدلي في «تهذيب الأنساب ونهاية الأعقاب» ص61:

«والعقب من ولد سليمان بن عبد الله بن حسن بن حسن من رجل واحد: محمد بن سليمان قتل بفخ، والعقب من محمد ابن سليمان بن عبد الله من عبد الله بن محمد، وأحمد بن محمد، وإدريس بن محمد، وعيسى بن محمد، وإبراهيم بن محمد، والحسن ابن محمد، والحسين بن محمد، وحمزة بن محمد، وسليمان بن محمد، وعلي بن محمد. فأما عبد الله وأحمد والحسن وإدريس فلهم أولاد، وباقي إخوتهم لم يصل إلي فرع لهم، والجميع بالغرب في جملة نسب القطع. فهؤلاء ولد سليمان بن عبد الله بن حسن بن حسن.

أولاد إدريس بن عبد الله المحض: والعقب من ولد إدريس ابن عبد الله بن حسن بن حسن ـ وهو الأصغر من ولد عبد الله ابن حسن بن حسن ـ من إدريس بن إدريس وحده والعقب منه في بلد القيروان من الغرب في جماعة أسماؤهم: عبد الله له عقب، والقاسم له عقب، ومحمد له عقب، ويحيى له عقب، وعمر له عقب. فأما أحمد وعيسى وحمزة وجعفر وسليمان وداود وجميع ذلك في صح، وأما ما ذكرنا منهم بالتعقيب فنسبهم في جملة نسب القطع وقد شرحنا ذلك في الكتاب الكبير في نسب آل أبي طالب الذي سميناه الكامل، ومواضع بلدانهم ومنازلهم، وقد دخل قوم منهم القاهرة ومصر والشام ولهم بقية في الأندلس وفي بلاد صماي وأمرهم على ثبت وصحة».

فهاهم يصححون أنساب أهل المغرب، وأنهم على ثبت وصحة، ولهم بها ممالك؛ إلا أن أخبارهم وتفاصيل أنسابهم قد خفيت عليهم.

وبعد هذا الإيضاح بعدم حصول المعرفة الكافية لعلماء المشرق في أنساب، وأعقاب من في بلاد المغرب من بني الحسن، يظهر لنا عذرهم في قلة درايتهم بأنسابهم وأخبارهم، وأنه قد يحصل الخطأ منهم فيها. وأما اليوم (مع توافر طرق الاتصال الشخصي والمعرفي بهم وبعلمائهم، ومع سهولة الوقوف على المعلومات من مظانها الأصيلة والموثوقة): فإن الوضع قد اختلف، والمصادر التي تحدثت عن أنساب بني إدريس وسليمان بن عبد الله المحض متوافرة، والمعتنون بأنسابهم كثر، ومن أراد الوصول إليها سهل عليه ذلك، خاصة إذا كان قد أخذ أنسابهم عن الثقاة منهم، فبيوت العلم المأمونة فيهم كثيرة.



الوقفة الخامسة

نحن مع قناعتنا التامة بصحة أصول نسب الأشراف الهواشم الأمراء المعروفين بسادة فليتة أو السادة الأمراء بما ذكرهم به ابن عنبة في «عمدة الطالب» حيث قال: «وأما أبو هاشم محمد بن الحسين الأمير بن محمد الثائر وولده يقال لهم الهواشم، ويقال لهم الأمراء أيضاً وهم ببطن مر».

وبما لهم من شهرة واستفاضة أنهم: سادة فليتة أو الهواشم والأمـراء وأن بقيتهـم اليـوم بـوادي مر الـمعروف بـوادي فاطمة.

نستغرب من الكاتب إقدامه على مثل هذا المقال الضعيف، وتوهينه ما ليس بواهن، واستشكاله ما ليس بمشكل، وإعراضه عما بان الإشكال فيه، وتركه ما يخصه ويعنيه ويهمه أكثر؛ إذ الواجب عليه ـ بدلاً من تحميل الكلام الواضح لابن فندق ما لا يحتمل، وتنزيله على غير ما أراد بتكلف ظاهر، واستشكاله فيه ما ليس بمشكل، ورميه بالتناقض، وزعم أن هناك من يشكك في الثابت والمسلمات من الأنساب الواضحة وإثارة الشبهات فيها، وهي أمور بينة وظاهرة لمن تدبرها: أن يناقش كلام ابن فندق ـ والذي أعرض عن ذكره تماماً بما يدعو للتساؤل ـ بالبينات والحجج الواضحات، وذلك فيما ذكره ابن فندق في كتابه «اللباب» ص: 527، من أن فليته بن القاسم أعقب من أربعـة أبنـاء، هم: عبد الله ويحيى وعيسى وهاشـم، ـ وليس منهم حسين الذي ساق إبراهيم الأمير في كتابه (تحقيق منية الطالب) و(مشجرة الإرواء) نسبهم إليه، واعتمده، بأنه جد الهواشم الأمراء الموجودين اليوم الهواشم الأمراء اليوم ـ حيث قال ابن فندق ما نصه: «وللأمير فليتة: عبد الله ويحيى وعيسى وهاشم».

وقال أيضاً في ص531: «والعقب من الأمير فليتة: الأمير هاشم، والأمير يحيى، والأمير عبد الله، والأمير عيسى». ثم ذكر شيئاً من أخبارهم، ووصف بعضهم جسدياً، بما يدل على معرفته بحالهم، خاصة أنه معاصر لهم.

وذكر مثل هذا ابن عنبة في «عمدة الطالب» ص162 بقوله:

«فولد الأمير فليتة عدة رجال منهم: الأمير تاج الدين وعمدة الدين هاشم أخذ مكة سيفاً من أخوته وعمومته، وكان أخواه يحيى وعبد الله قد نازعاه الملك فغلبهما عليه. ومنهم الأمير قطب عيسى بن فليتة».

وبمثله جاء في مناهل الضرب في أنساب العرب ص: 268.

فهذه العبارات المشكلة في الظاهر لا تشكك عندنا في أصول أنسابهم وصحتها، وأنهم من عقب أبي هاشم محمد بن الحسين الأمير بن محمد الأكبر بن موسى الثاني، وأن بقيتهم إلى اليوم هي التي ترجع لتلك الأصول بوادي مر المعروف بوادي فاطمة. فرجوعهم لتلك الأصول صحيح مشهور لا شك فيه عندنا، وإن وقع في عمود نسبهم من الاختلاف المشار إليه آنفاً ما وقع.

هذا ما جرى تحريره لدفع تلك الأوهام التي وقع فيها الكاتب إبراهيم بن منصور الأمير، ولتوضيح الإيهام الحاصل في مقاله، حتى لا تكون مقالته تلك ذريعة للمغرضين، وعتبة للمشككين بجهل، فيكون وزرها على من جعل من لا شيء شيئاً، ومما لا يستحق المناقشة أمراً كأنه يستحق الالتفات إليه، والتي لم يسبق إلى ادعائها والتفوّه بها ذو لب وبصيرة في العلم بمثل ما فعل الكاتب، فعفا الله عنه، وأرشده الله إلى الصواب والقول الصحيح .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغر الميامين، ومن سار على نهجهم ليوم الدين.

والحمد لله في البدء، وفي الختم

كتبه

الشريف شاكر بن ناصر بن مستور العبدلي الفعر
الشريف محمد بن حسين بن محمد الصمداني
الشريف عصـام بن ناهض بن محسن الهجـاري

في 15/4/1431هـ






فهرس الموضوعات

الموضوع الصفحة

مقدمة بقلم الشريف هزاع بن شاكر العبدلي…………….. 5

مقدمة بقلم الدكتور حاتم بن عارف العوني…………… 13

* الوقفة الأولى……………………………………. 29

* الوقفة الثانية……………………………………. 36

* الوقفة الثالثة……………………………………. 40

الوهم الأول…………………………………. 40

الوهم الثاني…………………………………. 55

الوهم الثالث………………………………… 82

* الوقفة الرابعة…………………………………… 92

* الوقفة الخامسة………………………………….. 98




--------------------------------------------------------------------------------
([1]) بالصك الشرعي رقم (115/4/ج) وتاريخ (2/2/1430هـ) الصادر من فضيلة الشيخ محمد بن أمين بن عبد المعطي مرداد القاضي بالمحكمة الجزائية بمحافظة جدة والمؤيد بقرار محكمة التمييز رقم (1068/ 2/1/ج) وتاريخ (6/6/1430هـ).

([2]) ومن ذلك أيضاً إخراجه لكتاب له هو تحقيق على مخطوط الدر النفيس في بيان نسب إمام الأئمة محمد بن إدريس الشافعي للعلامة أحمد بن محمد الحموي الحنفي. فقال في مقدمة تحقيقه: وقد دعاني لتحقيق هذا الجزء للفقيه السيد الحموي أمران:

1 ـ أنه قرر الحق في نسب الأمام الشافعي بأنه من صميم قريش.

2 ـ كونه فقهياً حنفياً، وقد خالف في هذه المسألة بعض الأحناف الطاعنين في قرشية الأمام الشافعي بغير حق. انتهى.

وكأن في نسب الشافعي خلاف يحتاج لهذه التقرير منه.

هذا مع أن المؤلف ما كان الداعي لتأليف كتابه هذا الدواعي التي أشار إليها المحقق لا من قريب أو بعيد بل إن سبب تأليفه هذا الجزء وهو جلالة وعلو مكانة الشافعي كعادة العلماء في التصنيف عن كبار الأئمة فقال الحموي في مقدمة كتابه هذا: حمداً لمن رفع لابن إدريس مقاماً علياً، وصاغ له من خالص العلم والتقى حلياً، وفضله على غيره من المجتهدين فكان عربياً قريشاً وصلاة وسلاماً على رسوله القائل: (عالم قريش يملأ الأرض علماً) وعلى آله وأصحابه المقتدين به أدباً وحلماً وبعد: فهذه مجلة رشيقة وروضة أنيقة تشتمل على بيان نسب إمام الأئمة ورباني هذه الأمة الإمام محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله تعالى وبيان كنيته ولقبه أمليتها لأمر عرض اوجب التصدي لهذا الغرض، وذلك أنه جرى في الحضرة العلية العلوية، والسدة السنية الرضوية حضرة سيد الأشراف حقاً، المؤيد من السماء صدقاً، صفوة السلالة الفاطمية، وخلاصة العناصر النبوية، من نمته العرانين في هاشم آل النسب الأصرح إلى نبعة فرعها في السماء ومغرسها سرة بالأبطح. السيد الشريف الغني عن المدح والتعريف، مولانا وسيدنا السيد إبراهيم أفندي نقيب السادة الأشراف ـ عامله الله بخفي الألطاف ـ، ذكر عمود النسب، فتاقت نفسه الشريفة إلى الوقوف على ما ذكره علماء الأنساب في ذلك والتقصي عما هنالك فأحببت أن أتحفه بهذه المجلة السنية، واجعلها له هدية، عملاً بقول الشاعر:

ومن عز عن كل الأنام مقامه فأحسن ما يهدى إليه كتاب




فأقول وبالله التوفيق معتمداً في ذلك على ما قاله أرباب الضبط والتحقيق… الخ.

ثم شرع المؤلف في ذلك، وبشرح عمود نسب الشافعي والترجمة وذكر شيء من أخبار كل جد من أجداده، ثم تكلم عن مراتب الشرف في النسب، وعن مصطلح الشريف وماله تعلق بذلك إيجازاً.

فهذا ما عليه هذا التصنيف ودواعيه من مؤلفه، لا كما فعل المحقق بزعم أن هذا هو الحق في نسب وكأن ذلك ترجيح في مسألة من مسائل الخلاف المعتبرة وهي توضح اطراد منهج الكاتب في تتبع الأقوال الشاذة والمهجورة والتمحل والتسرع في فهم بعض العبارات النسبية وتنزيلها على غير مراد أصحابها والتي لا طائل من وراءها إلا إثارة أقوال مهجورة وشاذة لا قيمة لها عند العلماء.

([3]) ومنها نقله عن الحافظ ابن عبد البر الإجماع على ذلك في كتابه (الانتقاء) ص66 حيث قال: (لا خلاف علمته بين أهل العلم والمعرفة بأيام الناس من أهل السير والعلم بالخبر والمعرفة بأنساب قريش وغيرها من العرب وأهل الحديث والفقه أن الفقيه الشافعي رضي الله عنه هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد…) فما الطائل حينئذ من الكاتب على إثارة قول مهجور شاذ بالمرة غير متناقل ولا معلوم عند الناس، خاصة في زماننا.

([4]) عادة علماء النسب المتبعة هذه إذا كان للرجل ولدين باسم واحد يفرق بينهما بالأكبر لأحدهما والأصغر للآخر تمييزاً للسن كما هو صنيع أبو عبد الله مصعب الزبيري في نسب قريش فذكر ص29: عبد الله الأكبر وعبد الله الأصغر ابني علي بن عبد الله بن العباس، وذكر ص37: عباس بن عبد الله بن معبد بن العباس الأكبر، وذكر 41، 44: زينب الكبرى وزينب الصغرى وأم كلثوم الكبـرى وأم كلثـوم الصغرى بنات علي، وذكر ص57-59: علي الأكبر وعلي الأصغر وحسين الأكبر وحسين الأصغر أبناء علي بن الحسين بن علي، وذكر ص72: علي الأكبر وعلي الأصغر ابني حسين بن زيد بن علي بن الحسين، وذكر72: علي الأكبر وعلي الأصغر وجعفر الأكبر وجعفر الأصغر أبناء عمر بن علي ابن الحسين وذكر ص76: محمد الأكبر ومحمد الأصغر ابني عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب، وذكر ص83،82: عون الأكبر وعون الأصغر ابني عبد الله بن جعفر الطيار، وذكر ص84: عبد الله الأكبر وعبد الله الأصغر ابني عقيل بن أبي طالب، وذكر ص113: عبد الله الأكبر وعبد الله الأصغر بن عثمان . ومثله مبسوط، ومحرر في كتب أنساب الطالبية كالمجدي ص12-20 وغيره ففيها ذكر كثيـر من ذلك نحو: محمد الأكبر بن جعفر بن أبي طالب، ومحمد الأصغر بن جعفر بن أبي طالب، وعبد الله الأكبر بن جعفر بن أبي طالب، وعبد الله الأصغر بن جعفر بن أبي طالب، والعباس الأكبر بن علي بن أبي طالب، والعباس الأصغر بن علي بن أبي طالب، وعثمان الأكبر بن علي بن أبي طالب، وعثمان الأصغر بن علي، وعمر الأكبر بن علي، وعمر الأصغر بن علي، وزينب الكبرى بنت علي، وزينب الصغرى بنت علي، ومحمد الأكبر بن الحسن بن علي بن أبي طالب، ومحمد الأصغر بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عن الجميع وغيرهم ممن بسط العلماء ذكرهم في كتب النسب.

ومثل ذلك أيضاً: خلاف العلماء هل علي بن الحسين زين العابدين هو الأكبر أم الأصغر يعنون في السن فيفرق بينهما بذلك تمييزاً له عن أخيه علي بن الحسين الذي قتل في كربلاء.

([5]) لو كان هناك أدنى تشكيك في أصول نسب الشريف قتادة لكان ذلك أهم ذريعة لخصوم وأعداء قتادة ممن نزع منهم الملك في إثارة ذلك التشكيك، كالشريف مكثر من الهواشم الذي نزع منه حكم مكة بالقتال، أو من صارعهم في بسط النفوذ على الحجاز كالسادة الأشراف من أمراء المدينة بني حسين.

ولكان ذلك التشكيكُ طريقاً سهلاً وفرصةً لا يصح أن تُفوَّت للنيل منه ولإسقاطه، وما كان ذلك متعذراً على خصومه ومنافسيه، ولو وقع شيء من ذلك لتناقلته كتب التاريخ والنسب، ولما جاز (بمقتضى العادة التي لا تتخلف في مثله) أن لا يُنقل إلينا، لأن قتادة ملك وزعيم كبير كان ذا أثر كبير في التاريخ، ودواعي خصومه الكثيرين (من أشراف الحجاز قبل غيرهم) في إضعافه أشد الدواعي، مع ما هم عليه من شدة اعتزاز بالنسب وعناية به وحماية له وأنفة كبيرة في الذود عن حياضه. فعدم كلام أحد من منهم في إثارة الشك في نسبه: يدل دلالة قاطعة على أن نسب الشريف قتادة كان عندهم فوق أن يمكنهم النيل منه بتشكيك رخيص، وأنه لا أمل لعدو في أن يفكر بالتعرض له، لحصول الاتفاق التام على سلامة تلك الأصول في عمود نسب قتادة وشهرة سلامتها من أي خلل وشبهة، وأنه نسب به تُعرَف الأنساب وتُقاس، وتُصحَّحُ وتُصَوَّبُ، وليس العكس!

وابن فندق رجل صاحب جاه ووزارة وسلطة قضاء وشاع ذكره بين العلماء، واشتهر كتابه بين النسابين، فلو علم عنه ما فهمه الكاتب من فهم سقيم، لنقل عنه، وطار به خصوم قتادة وغيرهم، وللهجوا بذكره، سواء منهم المعاصرون لقتادة، وغيرهم من المتأخرين.

بل إن الحجاز ولاية عباسية في الأصل، ومعلوم قدرها لدى الخلافة العباسية، ثم ينتزعها قتادة من العباسيين، فلا نجد من الخليفة العباسي رغم ذلك كله أيَّ تشكيكٍ أو إثارةِ شبهةٍ في نسبه، فضلاً عن طعن ببغي وافتراء، ولو كان هناك مجالٌ للتشكيك لكانت كل الدواعي تقتضي حصوله، كما حصل من خلفاء بني العباس مع الفاطميين العبيديين .

([6]) علم النسب: 83.

([7]) مصحفة في المطبوعة بالسرير.

([8]) استوعب الحديث عن هذه المواضع وغيرها من ديار آل البيت في الحجاز في بحث مستقل بعنوان: معجم المواضع والأمكنة لآل البيت في الحجاز. للشريف عصام بن ناهض الهجاري. وفي ذكر باديتها أيضاً للشريف محمد بن حسين الصمداني بعنوان: المجاز بذكر بادية أشراف الحجاز.

([9]) وممن ذكر هذا الدكتور رمضان عبد التواب في كتابه مناهج التحقيق تراث بين القدامى والمحدثين ص102 و108 و117.

قال محقق التراث المعروف وواضع منهجه فيه الأستاذ عبد السلام هارون في كتابه «تحقيق النصوص ونشرها» في مبحث مقدمات تحقيق المتن ص53، 59: (هناك مقدمات رئيسية لإقامة النص، فمنها… الإلمام بالموضوع الذي يعالجه الكتاب حتى يمكن المحقق أن يفهم النص فهماً سليماً يجنبه الوقوع في الخطأ حين يظن الصواب خطأ فيحاول إصلاحه، أي يحاول إفساد الصواب! وهذا إنما يتحقق بدراسة بعض الكتب التي تعالج الموضوع نفسه أو موضوعاً قريباً منه ليستطيع المحقق أن يعيش في الأجواء المطابقة أو المقاربة، حتى يكون على بصيرة نافذة). ثم ذكر في ص59-61 أن لكي يمضي الباحث في التحقيق أن يستعين بالمراجع العلمية الخاصة، ولكل كتاب وموضوع مراجعه الخاصة.

وذكر الأستاذ رمضان عبد التواب من تلك الوسائل ص108: (وسيلة تخريج النصوص. وهو البحث لها عما يؤيدها ويشهد بصحتها في بطون الكتب وهو أمر ضروري جداً). وذكر مما يعين على ذلك الرجوع لكتب الأمكنة والبلدان. فقال في ص117: (أما أسماء الأمكنة والبلدان، فقد ألف العلماء مجموعة كبيرة من المعاجم لضبطها والتعريف بها، وهذه لا يستغنى المحقق عن الرجوع إليها، لكي يطمئن إلى صحة ما ورد في النص الذي أمامـه من أسماء الأمكنـة والبلدان، وعلى رأس هذه الكتب: معجم ما استعجم لأبي عبيد البكري، ومعجم البلدان لياقوت الحموي، وغيرهما… وهكذا نرى أن تحقيق النص ليس مهمة يسيرة، بل لا بد فيه من معرفة واسعة بالمصادر العربية وطريقة استخدامها، والإفادة منها في تصحيح النص حتى يقترب من أصله الذي كتبه المؤلف).

وذكر الدكتور المحقق بشار عواد في كتابه «في تحقيق النص. أنظار تطبيقية نقدية في مناهج تحقيق المخطوطات العربية» ص453 في فصل ضبط النص عن أصول تحقيق النصوص المتفق عليها بين أهل العلم:

(ثاني عشر: علم المحقق بموضوع الكتاب: من المعلوم في بدائه علم تحقيق النصوص أن تتوفر في المحقق جملة شروط، منها… المعرفة التامة بموضوع الكتاب الذي حققه وتمكن من اللغة، من أجل فهم نصوصه، وتمكنه من ترجيح قراءة على أخرى، أو قراءة ما يشكل عليه من النسخ الخطية، فيوظف علمه ومعرفته للكشف عن إثارته وتبيين إشاراته، وان يدل على المناجم التي أستقى منها والمنازع التي صدر عنها… إن قلة معرفة المحقق بمادة الكتاب ستؤدي حتماً إلى تشويه النص، لا سيما عند عدم توفر نسخة خطية متقنة، إذ يصعب على المحقق فهم النص وترجيح قراءة على أخرى، لان هذا لا بد له من تعليل، والتعليل لا بد له من علم).

([10]) بحث من جمع وإعداد الشريف عصام بن ناهض الهجاري.

([11]) بحث من إعداد وجمع الشريف محمد بن حسين الصمداني أحد كتاب هذا الرد نشر الجزء الأول منه في موقع «آل البيت حول العالم».

المصدر في الرابط التالي :
http://alalbayt.com/?p=4047
 





  رد مع اقتباس
 

SEO by vBSEO 3.3.0