عرض مشاركة واحدة
قديم 07-04-2009, 03:01 AM رقم المشاركة : 5 (permalink)
خليل المويلحي
نائب المدير العام






خليل المويلحي غير متواجد حاليآ بالمنتدى

افتراضي

ابنتي العزيزة غموض، بالطبع لي ذكريات مع المرحوم عبد الحليم، فقد ذهبنا الى روما في عام 1961 ميلادية، هو من المملكة وأنا من مصر. وبالصدفة كانت وجهتنا تعلم الفنون الجميلة في أشهر أكاديمية لها في العالم.
وكان أمام الاكاديمية مقهى يجتمع فيه الطلبة، وبمشيئة الله كنا في دورة واحدة، وفصل واحد في قسم الديكور. وكان يكبرني بخمس سنوات. وذات مرة سمعته يتكلم في المقهى مع شخص آخر بلغة غريبة، فسألته ما هي فقال انها الأردية، لغة باكستان، وأخبرني أن المرحوم والده الباكستاني أخذ الاسرة كلها للحج ومات هناك عندما كان عبد الحليم في ريعان طفولته.
لم يتمتع عبد الحليم بهذه الطفولة اذ كان يجب عليه أن يتكفل بأمه واخوته الصغار. وكانت أولى طرق كسب العيش أن يجمع الحطب في سلة ويحملها على رأسه لبيع الحطب، مما أدى الى شبه صلع في رأسه من كثرة احتكاك السلة. كان عمره آنذاك 9 سنوات تقريبا.
والتحق بالدراسة، وكسب عيشه من اعطاء الدروس الخصوصية ومن عدة أعمال.
كان رحمه الله بارا بوالدته، حاميا لاخوته، وكان يحب الطب (كذلك كنت أنا)، ولكن الفن استهواه، وسافر الى ايطاليا سفر المكافح المعتمد على الله وعلى نفسه. واستأجر غرفة عند أسرة غير بعيد عن الأكاديمية.
ارتبطنا بصداقة متينة. كان يتعيش من بيع لوحاته، ما عدا لوحة واحدة عزيزة عليه. وانتهج كلانا التصوير الزيتي الكلاسيكي، أي الأقرب الى الفوتوغرافيا.
ثم التقينا بزميل تونسي/جزائري اسمه عمار شريط، كان فنانا بكل معنى الفن، فعلمنا أن نتحرر من الطريقة الكلاسيكية لأن التصوير الفوتوغرافي أصبح يغني عنها. عندئذ اتبعنا المدرسة التشكيلية العصرية (المودرن)، وشاركنا في عدة معارض وكسبنا عدة جوائز، أذكر منها "معرض الفنانين العرب" (1962) الذي نظمه مكتب العلاقات الايطالية العربية التابع لوزارة الخارجية الايطالية ، و"معرض الطالب" (1962) في قصر معارض روما (52 قاعة) وفاز عبد الحليم فيه بميدالية اللوحات الزيتية الذهبية، وفزت أنا بالميدالية الفضية للنحت البارز، من بين 6500 (ستة آلاف وخمسمائة) عارض.
وأعتقد أن عبد الحليم كان أول من أنهى دراسة الفنون في ايطاليا من بين جميع السعوديين. وقبل أن يعود الى المملكة في عام 1964 ترك لي صورة صغيرة له باهداء لطيف منه على ظهرها.
كنا ولله الحمد رغم صغر السن (23سنة هو و 18 سنة أنا) بعيدين عن حياة الفنانين الصاخبة وعن القيل والقال والسهر الماجن.
لم يتمتع في بداية عهده بايطاليا بأي منحة دراسية لأنه سعودي متجنس، (كان القانون آنذاك يتيح المنح الدراسية بسخاء للسعوديين الأصليين) فواصل دراسته ببيع لوحاته، وتدخل السفير السعودي السيد عبد الرحمن الحليثي (أكرمه الله) لدى الحكومة السعودية لاعطائه منحة وتكللت مساعيه بالنجاح في السنة الدراسية الاخيرة (1964) على ما أذكر.
وبعد أن تركت الفنون واتجهت الى الترجمة، كنت أقابله في ذلك المقهى الذي شهد لقاءنا الأول
كان رحمه الله دائم الابتسام، لم يتذمر قط من أي ظرف أو مشكلة، وكان متدينا ومحبا لشرب الشاي، يمضي وقته في مراسلة أهله . ترك في نفوس الجميع ذكرى عطرة لدرجة أنني لم أنس اسمه بعد 40 سنة في حين نسيت عدة أسماء أخرى، وظل في مخيلتي نموذجا للكفاح والنجاح.
ويبدو أنني أصبت ببلادة ذهنية لأنني لم أبحث عنه في الشبكة العنكبوتية الا منذ أيام لآتعرف على أحواله متمنيا أن أجد له أثرا، وعنئذ اكتشفت انه شخصية ذات شهرة جابت الآفاق.
رحمه الله
وأشكرك يا غموض لأن تفريغ هذه الذكريات هون علي

 





  رد مع اقتباس
 

SEO by vBSEO 3.3.0