أخي المحبب الى قلبي الشريف علي،
تسألني عن الأجداد المويلحيين. عرفت منهم جدي خليل (واسمه الحقيقي عبد الخالق لكن اسم الشهرة طغى) المتوفي عام 1953 م. كانت قامته حوالي 165 سم، نحيفا، قليل الكلام كثير الاحترام ومتمسكا بالعظمة التي نشأ فيها، فهو الابن الثاني للأديب ابراهيم (باشا)، تربى في تركيا بمدرسة غلطه سراي، وكان يتقن التركية والعربية والفرنسية، ساهم بكتابة أخبار الباب العالي في جريدة والده *مصباح الشرق*. وكان كثير التدخين وحبا لشرب القهوة.
وأتذكر أنه للتحرك من سرايتنا في حلوان الى محطة قطار حلوان كان يستدعي *الحنطور* ويطلب من العربجي أن يذهب أولا الى *بيت الشربيني* ويأخذ من هناك شيخا اسمه الباقوري (وزير الأوقاف فيما بعد)، ويدخل الشيخ الباقوري الى حديقتنا ويصفق بيديه قائلا *خليل بك! الحنطور جاهز*. أول ما أصبح هذا الشيخ وزيرا بعد وفاة جدي تنكر لوالدي وللأسرة.
وفي أواخر أيام جدي خليل كان البرنس شوكت يأتي اليه بالسيارة ليوصله أينما شاء، وما زال في مخيلتي منظر هذا الأمير وهو يسند جدي بكل عطف مسميا اياه بلكنته التركية *حبيبي خليل بك*.
وكانت معاملة الباقوري وشوكت درسا لي في الحياة: أن الأصيل يحفظ الجميل، ويصنف الناس حسب العاطفة التي تربطه بهم لا حسب رتبهم.

ومنذ عرفت أنطق اسمي وذهبت الى المدرسة كنت أعلم تمام العلم أصل الأسرة وأتفاخر به اذ كثيرا ما حدثني عنه الوالد والجد، وكنت أعرف موقع المويلح على الخرائط حتى وان لم يكتب عليها هذا الاسم.

أما عن عمي عبد الخالق بن يوسف (بك) المويلحي فقد عاصرته قليلا بسبب اقامتي في الخارج، فقد خرجت من مصر الى أوروبا عام 1961 ولم أعد اليها لقضاء عطلاتي الا في عام ،1982 وكان رحمه الله يحب صحبة والدي، ولا علم لي بموضوع الرسالة التي وصلها يوسف بك الى الملك فاروق، وسأستفسر عنها من الدكتورة مواهب (بنت توحيد بن يوسف بك).

طولت عليك في الكلام ولكني أعلم أنك المؤرخ الذي لا تفوته معلومة الا وسجلها. وأظل بانتظار سؤالك الثالث، بل وأي سؤال فرعي منبثق عن السؤالين أعلاه.