يقوم الكاتب في هذه الرواية بسرد حفنة من مذكراته من خلال رسائل وصفحات مذكرات حبيبته إليه وكذلك مذكرات صديقه “عيد عشاب”.. واسيني يعرض قصة حبه ” لمريم” ابنة بلده التي تعرّف عليها في بلد دراسته “سوريا” كما يذكر صديقه “عيد عشاب” وقصة حبه لسلفيا المسيحية فكما أن الأديان لا تتفق كذلك بالنسبة للحب الذي يرتبط بديانتين متباينتين.. تبدأ الرواية بالمشهد الأول والذي يصف المحب وهو يسير في أراضي المقابر المقفرة حيث يحمله ذلك الإحساس الذي يدعى ” الحنين ” ويطوف به عبر محطات خلت منذ عشرين عاما فيجر معه ثقل خيباٍت وآلامٍ لا تنتهي: ” لا أدري إذا كانت مدننا المنكسرة أم نحن، لقد صارت تشبهنا كثيرا حزينة ووحيدة كلما سقطت الأمطار ازدادت عزلة وانكسارا “.. كما يتذكر رسالة حبيبته إليه: ” ضيقة هي الدنيا …ضيقة مراكبنا..للبحر وحده سنقول، كم كنا غرباء في أعراس المدينة، تمنيت أن أعيش طويلا لأحبك أكثر ولكن الأقدار منحتني فرصة الشهادة قبلك لتكون أنت المطالب بحبي وبتحمل غيابي…” يؤلمه أنها رحلت قبل عشرين عاما وتركته وحيدا ..هشا وسط عالم يزداد كل يوم اتساعا موحشا…وما يعمق ألم روحه هو خذلانه لها عندما فكرت بواقعية الأنثى التي تنشد الاستقرار في كنف رجل بمسمى زوج، ولكنه وبرغم حبه الممتد لها إلا أنه رفض أن يجعل لها موقعا اجتماعيا في فوضى زحام عالمه الأدبي…أبى أن تكون مريم زوجته وأرادها حبيبته للأبد بحجة : ” أن الحب الكبير تقتله الأسئلة الكثيرة ” …فتزوجت بغيره إلا أنها لم تستطع أن تتحرر من سيطرة حبها له فرجعت إليه تُسيِرُ أيامها الباردة معه إلى أن رحلت وهي تضع مولودتها الأولى… ثم يستحيل عليه الإنسلاخ من تفاصيل عالمها وذكرياتها ” كنت أبذل جهدي لنسيانكِ دفعة واحدة النسيان بالتقسيط قاتل على الأمد المتوسط بينما النسيان السريع مثل السم لا يرحم صاحبه…” تصنف هذه الرواية بأنها مذكرات ” واسيني الأعرج” في حقبة من سنوات عمره…وفي إعتقادي أن هذه السيرة استنزفت الكثير من مشاعره وألمه لأنه أتى لذكر خذلانه لحبيبته، كما طاف من خلال هذه السيرة إلى تفاصيل مهمة تأتي على ذكر مدن وشوارع سوريا ومعاناة الناس اليومية وأيضا احتوت على قصاصات من حياة مريم وألمها المرتبط بأسرتها كوالدها القاسي وأمها البائسة التي أنطفأت ورحلت من الحياة بصمت موجع..
طَوْقُ الَياسَمِين 
العرض المتطور
