حجارة صامتة ترنو الى البحر
«المويلح».. أسرار تملأ مدونات التاريخ




عبدالرحمن العكيمي (المويلح)


[align=justify]في صباح مسربل بنشيد البحر تتوغل في ساحات قرية المويلح وفي ذاكرتك اهازيج عن القلاع التاريخية المسكونة بالصمت وحقب عبرت بمساراتها مدونة في وثائق التاريخ.
في تلك القرية البهية تناوش ذاكرتك (حوار الاماكن) ولا تمتلك سوى ان تطرح اسئلة فضفاضة عن تاريخ القلاع وهذا المكان المغلف بالهدوء فثمة دهشة مثقلة بالبهجة تخاتلك وعيناك تحدقان في فضائها وطقسها الباحث عن الجمال ويستعيد سحر القرية القديم كلما عبر سرب من طيورها التي تضع اجنحتها على ضفاف ساحلها الساحر فتمتلئ بعشقها وتستزيد من ثنايا بوحها حين يداهمها سحر المساء.
مازلت اذكر ذلك المساء حينما جئتها كانت نسمات البحر تحاصر الندى وتبث روائحه المثقلة بالرمل العذري الممتد على شواطئها.

قرية القلاع

تقع المويلح شمال مدينة ضباء على مسافة 45 كلم ويوجد بقربها بئران من الناحية الشمالية يعود تاريخهما الى سنة 968هـ وكانت القرية في الازمنة الماضية تقع على طريق «الحاج المصري» وتعد أكبر قاعدة على هذا الطريق.
في البداية احسست بالوحشة ولكن سرعان ما تلاشت مظاهر الوحشة حينما اندمجت مع اهالي القرية واكتشفت ان اهلها لا تفارقهم طقوس الكرم اينما اتجهت فهم يحاصرونك بفيض من اريحيتهم لأن صفات الكرم والشهامة جزء من حياتهم توارثوها أبا عن جد.

في مجلس الشريف معلا بن عبدالمطلب الوكيل احد اعيان المويلح استمعت الى سمفونية تاريخ هذه البلدة القديمة فقال وهو يستعيد نبضات التاريخ ان المويلح مشهورة بقلعتها التي شيدها محمد ابو سرور في عهد المماليك واخذت شكلها الحالي في عهد السلطان سليمان القانوني. واستطرد ان القلعة ضخمة تحتوي على 99 غرفة واربعة ابراج ويوجد بداخلها بئر. واضاف ان القلعة تعتبر الأكبر من نوعها في المملكة.

ويمسك الشريف عبدالعزيز بن عبدالمطلب الوكيل طرف الحديث ويشير الى ان القلعة تعد اشهر معالم المويلح التي مازالت حاضرة وشاهدة على التاريخ.

وفي ذات السياق قال علي عبدالرحيم الوكيل ان القلعة كانت في عهد المماليك عبارة عن برج وفي العهد العثماني فكر السلطان سليم الاول ببناء قلعة المويلح الحالية اسوة بالقلاع القائمة على الساحل الشرقي للبحر الاحمر مثل قلعة العقبة وقلعة الازلم. واضاف ان اهمية القلاع تكمن في انها كانت تؤمن طريق الحجاج وكان يتم فيها تخزين المؤن والذخائر وحماية موارد المياه التي كان كثيرا ما يتم الاستيلاء عليها من قبل اهل البادية واستطرد ان طريق الحاج المصري الذي كان يعبر بالمويلح مقسم الى عدة مناطق.
وعن الحجارة التي شيدت بها القلعة قال انها جلبت من مقطع الحجر الكائن جنوب شرقي المويلح بمسافة 7 كلم.
واضاف ان القلعة بنيت في موقع مرتفع يوفر لها الاستطلاع من كافة الجهات وتتكون من اربعة ابراج كل برج نصف قطره خمسة امتار وجهز سطحه العلوي بسبع فتحات ويقع بين كل برج واخر «مزاغل» للبنادق واستطرد ان المويلح تعتبر من اهم الاثار الموجودة في شمالي الحجاز والقرية تمتاز بموقع فريد ولكن دورها ومكانتها تلاشيا مع التغييرات التي مرت بها، حيث نزح الكثير من اهلها بحثا عن الرزق.

سبب التسمية

وعن سبب تسمية المويلح قال من الواضح ان كلمة «المويلح» اشتقت من تصغير املح وهو السواد خاصة وان سكان شمال الحجاز يطلقون اسم املح على امكنة يقصد بها السواد ويقال ابل بها جمل املح اي بياض به سواد كما ان مويلح تعني تصغير «مليح» اي ملاح الجمال ومليح يمكن ان تطلق على الرجل فيقال عنه مليح وظريف ولطيف.
وتابع ان الاقرب الى الصواب في التسمية انها مشتقة من كلمة مالح اي الماء المالح والارض التي فيها شيء من اشجار الحمضيات تسمى ملاحة لحموضتها.
واضاف ان القلعة ليست وحدها ابرز المعالم في المويلح دائما هناك الآبار السلطانية وعددها خمس انشئت في عهد المماليك لخدمة طريق الحج المصري واشهرها بئر الواردة. وتابع ان القلعة الاثرية في حاجة الى الاهتمام والترميم واتاحة الفرصة للزوار والمصطافين للاطلاع على هذه الاثار.

تترك قلعة المويلح خلفك والشمس تستدير في رحلة الغروب وتتخيل لكأنما القلعة تاريخ لسانه مقطوع فلو باحت باسرارها لملأت مدونات التاريخ بحكايات وقصص من الأمس البعيد. [/align]