[frame="10 80"]دور أسرة الاشراف الوكلاء المويلحيين فـي تأمين خدمات الحاج والقوافل
كان الهدف الأساسي من إنشاء قلعة (المويلح) سنه 968-1560م) هو تأمين الحاج وخدمته،لأن (المويلح) تقع في طريق الحاج المصري.
وقد كان لهذا الموقع أهمية منذ القدم، وذلك أنه كان ممر القوافل المرتحلة بين اليمن في الجنوب وبلاد الشام في الشمال منذ أقدم العصور،كما اتخذه المسلمون منذ ظهور الإسلام معبراً لهم إلى الأراضي المقدسة، ومن ثم اكتسب هذا الطريق أهمية دينية وتاريخية وقد حرص الجغرافيون المسلمون علي تتبع مرحلة وذكر مسيرة الحاج منذ خروجهم من (مصر) وحتى وصولهم إلى (المدينة المنورة) ومكة المكرمة.
كما حرص الرحالة المسلمون على وصف الطريق وتسجيل أحداثه، كما سجل المؤرخون آثار الخلفاء والسلاطين فيه من إنشاء القلاع والحصون وحفر الآبار وعمل البرك لراحة الحاج
وتحقيقا لما دأبوا عليه من عمارة طريق الحاج وتسهل أمور الحجيج وحراستهم والاهتمام بهم وهذا الأمر جعل هذه الأسرة تقوم بهذه المهمة زمنا طويلاً منذ نَشَأَت هذه القلعة عام 968هـ حتى عام 1315هـ ويعد الشريف محمد أبو سرور أول من قام بتأمين الحاج من خلال البرج الذي بني قبل القلعة وبعد ذلك تلاه بقية الوكلاء من سلالة هذه الأسرة وتؤكد بعض الوثائق التاريخية أن محمد أفندي حلمي قد تولى أمر القلعة فترة قصيرة وهي الفترة الوحيدة التي خرجت فيها القلعة عن رقابة هذه الأسرة وكانت هذه الأسرة تقدم خدمات أخرى لحجاج بيت الله وزوار مسجد رسوله من حيث توفير الشرب وتوفير الأغذية وأعلاف الحيوانات وكثيراً من مستلزمات المحامل التي ترغب في الذهاب إلى الأماكن المقدسة فيما يتوفر في سوق المويلح من أشياء ضرورية تساهم في خدمة الحجاج والمسافرين.
وكانت (المويلح) من المحطات والمنازل التي ينزل بها الحاج المصري للراحة بعد عناء الرحلة ،ومن الملاحظ أن أقرب محصن شمال (المويلح) في طريق الحاج المصري هو (العقبة) وهي تبعد عن(المويلح ) بمقدار واحد وستين ساعة،حسب سير الجمل المحمل، أما في الجنوب فتوجد قلعة (الأزنم) وهي تبعد عن (المويلح) بمقدار خمسة وعشرين ساعةً وخمس عشرة دقيقة تقريباً،وبذلك تكون المسافة بين (العقبة )و (الأزنم) ستة وثمانين ساعةً وخمس عشرة دقيقة تقريباً، كان يقطعها الحاج في ثمانية أيام، لذا كان اختيار موقع لبناء قلعة، في المسافة المحصورة بين (العقبة)و (الأزنم) مما يقصر المسافة من ناحية راحة الحاج ،ليشعروا بمزيد من الاطمئنان والأمان تحت حماية القلعة، وبالإضافة إلى ذلك فإن بناء قلعة في هذه المنزلة يوفر الكثير من الجهد والتعب على المكلفين بإدارة قلعتي (الأزنم ) و(العقبة) من حيث قيامهم بتوزيع رواتب أصحاب الأدراك قبيلة بني عقبة وقبيلة الحويطاتومخصصاتهم في الصرة وحل مشكلاتهم الذين كان لهم دور كبير في توفير الحماية لطريق الحاج ، وكانت قلعة (المويلح) تقوم بهذا الدور المهم، ولاشك أن هذا يساعد الدولة القائمة على تأمين وحراسة طريق الحاج المصري وفرض النظام به. ومن المعروف أن خدمة الحاج المصري تتضمن أموراً منها توفير الحماية والتزود بالماء، وحفظ الأمتعة، وكانت الدول الإسلامية المختلفة تحظى بالإشراف على هذا الطريق وتعمل على توفير جميع هذه الخدمات.
إضافة إلى ان السلاطين المماليك كانوا حريصين على حماية الحاج المصري من أخطار الخارجين على القانون وقاطعي الطريق الذين كانوا يهاجمون قوافل الحاج المصري بسبب جدب مناطقهم أو اشتداد القحط في بعض المواسم وانعدام السلطان وطغيان نفوذ بعض القبائل القاطنة في طريق الحاج المصري، وكان من وسائلهم من ذلك أن يسندوا لهذه القبائل حماية الحاج المصري، مقابل مبالغ تدفع لهم سنوياً وقد قسمت طريق الحاج إلى أربعة أقسام وكانت (المويلح) تقع في القسم الثاني أو الربع الثاني الذي يبدأ من (العقبة) وينتهي عند (الأزنم) وبعد القضاء على دولة المماليك في مصر،انتقلت حماية درب الحاج المصري إلى سلاطين آل عثمان، الذين استمروا في دفع المخصصات للقبائل مقابل حماية قوافل الحجيج من قطاع الطريق الذين كانوا يعتمدون الهجوم على ركب الحاج ليلة مبيتهم،أو يهاجمون ركب الحاج في الرجعة من الحج طمعاً في الاستيلاء على أموال التجار،وقد جرت العادة أن يصبحوا الركب حين عودتهم ومعهم متاجرهم من القماش والبهار،إلى أهاليهم في أوطانهم.
وعلى الرغم من أن القبائل التي كانت تحرس طريق الحاج المصري ظلت تحصل علي مخصصاتها السنوية في العصر العثماني،كثيراً ما تعرض ركب الحاج للسلب والنهب عند (المويلح) وكان هذا الاعتداء يقوم به قاطعي الطريق وقد ساعدهم على ذلك طول المسافة من (العقبة) و(الأزنم) ومن ثم إنشاء قلعة بين هذين المركزين المحصنين عند (المويلح) لحماية الحاج المصري من الاعتداءات في تلك المنطقة.
وقد استمر صرف المخصصات والرواتب للقبائل التي تقيم في تلك المناطق بعد إنشاء قلعة (المويلح)
وقد اكتشفنا من السجلات الوثائق التي تشتمل علي أسماء العربان، وكانت هذه السجلات تحفظ لدي وكيل القلعة من أشراف المويلح أو غيرهم.
أما من حيث توفير الماء للحجاج ،فمن الملاحظ أن طول الرحلة بين (الأزنم) و(العقبة) جعل توفير الماء للحاج أمراً ضرورياً وقد فطن المماليك لضرورة توفير الماء عند المويلح فتم حفر بعض الآبار فيها ولا يزال (بالمويلح) في العصر الحاضر بئران إحداهما خارج القلعة علي مقربة منها لري الأراضي الزراعية، أما الأخرى فيرجع إنشاؤها إلى الأمير (سيف الدين آل ملك) وقد وصفها الجزيري بقلعة العذوبة.
ويطلق أهل (المويلح) علي البئر المستخدمة اسم بئر الورّاده وماؤها مالح وقد بنيت الآبار بحجر رملي مهذب بمراميك متراصة تأخذ شكل دائرة كاملة، نصف قطرها 2.5 متر، وسمك جدارها عند الفوهة (75سم) وترتفع عن الأرض بمقدار متر واحد، ويظهر من محض ناحية جدارها الخارجي أنه موضع حوض.
ويبدو أن هاتين البئرين كانتا تتعرضان لاعتداءات قطاع الطرق بغرض التحكم في الحاج، ومن ثم كان من عوامل بناء القلعة حماية هاتين البئرين، وقد تم حفر بئر ثالثة بالقلعة لزيادة وفرة الماء للحاج ودوابه.
أما من حيث حفظ أمتعة الحاج فإن المسافة بين قلعة (العقبة) و (الأزنم) تحتل ربع المسافة بين مكة المكرمة والقاهرة ، وكان علي موكب الحاج أن يحمل ما يلزمه من الأمتعة اللازمة، فوجد الحاج في (قلعة المويلح) مكاناً يدع فيه ما يستثقله من الأزواد التي يستخدمها في عودته.
وموكب محمل الحاج المصري، المحمل بالأموال من مخصصات الحرمين الشريفين، وصدقات أهل مكة المكرمة والمدينة المنورة يحتاج إلى مزيد من الحماية، وله مورد مائه ويوفر له مكان يخزن فيه الطعام، وفي نفس الوقت أسهمت (قلعة المويلح) مع قلعتي (العقبة)و(الأزنم) في توزيع مخصصات العربان التي تدفع لهم سنويا من الدولة العثمانية.
المرجع: الاشراف المويلحيين ارباب الكتاب والقلم للدكتور مبارك الحربي[/frame]
دور أسرة الاشراف الوكلاء المويلحيين فـي تأمين خدمات الحاج والقوافل 
العرض العادي
