الرئيسيه   :::   أتصل بنــــا   :::   المنتديات

أبراهيم المويلحي ((أديب من المويلح عاش في أرض الكنانة))


كان إبراهيم المويلح من أعلام القرن التاسع عشر البارزين ومن أصحاب الألباب النافذة والبصائر الناقدة وهو عصامي قوي الإرادة واسع الحيلة أستطاع أن يعلم نفسه بنفسه لأنة لم يتلق أي قدر من التعليم المنظم في الكتاتيب أو في المدارس ومع ذلك عرف طرائق الكتابة ومناهج الدراسة. ينظم موضوعة ويحسن عرضة ويستنبط من كل فعل دلالة ويقدم لكل قول شهادة وهذا من علائم الفطنة الظاهرة الغالبة بالحجة المدركة .أصدر عددا كبيرا من الصحف السياسية والأدبية في مصر وايطاليا وفرنسا وانجلترا ووصل به الأمر ان يحسب السلطان عبدالحميد حسابه ويسعي لوداده اتقاء لقلمه وكان الخديوي عباس حلمي الثاني يقربه منة ويجعله سفيرة إلى قصر الأليزية في الأستانة وحسبة هذى المكانة الأجتماعية إما عن مكانتة الأدبية فأقل ما يقال عنة انة جاحظ عصرة وكان جمال الدين الأفغاني يثق في علمة ويستكتبة في مجلة (( العروة الوثقى))

مولدة ونشأته


هو السيد أبراهيم بن السيد عبدالخالق بن السيد أبراهيم بن السيد أحمد بن السيد الشريف مصطفى وكيل المويلح ينسب الى المويلح احد ثغور الحجاز على البحر الأحمر التي تقع بمنطقة تبوك في شمال غرب المملكة العربية السعودية وكان يوم هاجر يحمل لقب الوكيل وهو اللقب الذي تحمله الأسرة في المملكة العربية السعودية حتى اليوم ويرجع إلى زمن السلطان سليم الأول العثماني الذي عين رجلاً من الأسرة وكيلاً له بالمنطقة أي ناظراً عليها وعلى قلعتها الأثرية من طرف الدولة العثمانية وما زالت أسرة الوكيل (1) هذه موجودة في السعودية وعلى صله بفرعها المويلحي بمصر وهي أسرة من الأشراف سليلي العتره النبوية الشريفة ويمتد نسبة الى الحسن من جهة ابيه والى الحسين من جهة امه نزحت اسرته قديما من قلب الجزيرة العربية الى المويلح وقد هاجر أحد افراد هذة الأسرة في عهد محمد علي الى مصر وعمل بالتجارة في القاهرة وكان جدة شاعرا ومسامرا لأدباء عصرة ولة صلة وثيقة بمحمد علي والى مصر حيث أدى خدمة جليلة حفظها لة البيت الحاكم . أما والدة المترجم السيد عبدالخالق فقد عمل بالتجارة وأنجب ولدين أبراهيم وعبدالسلام .ولد ابراهيم المويلحي نحو عام 1844م ولما أشتد عودة ألحقة ابوه بمتجره لأنة كان يعدة للتجارة ولكن ابراهيم المحب للعلم بحث عمن يعلمة وكان هذا المعلم عطارا ملما بالعلوم الأزهرية ويقع محلة بجوار محل ابية فأخذ العلم علي يدية حتى تمكن من علوم اللغة وآدابها دون علم والدة ولما مات أبوه وهو في سن العشرين صار المتصرف في التجارة بل أصبح عضوا في مجلس التجارة وفي مجلس مصر الأبتدائي
.

عطاؤه الصحافي والإداري


ولكن التجارة لم تؤثر على شغفة بالأدب فجاهد حتى لايبورمسعاه ولايخيب رجاه وكان من بواكير اعمالة تأسيس(( جمعية المعارف))مع(( عارف باشا )) وقد نهضت هذة الجمعية بطبع عددمن كتب التراث مثل ((تاج العروس)) و((أسد الغابة )) وغيرهما من الكتب القديمة ثم أصدر مع ((محمد عثمان )) جريدة 0نزهة الأفكار) ولكنها احتجبت بعد تدخل السلطة وفي أعقاب سقوط وزارة نوبار باشا وتولي شريف باشا الوزارة الجديدة أسند الى أبراهيم المويلحي وعلي البكري وضع اللأئحة الوطنية لتاسيس مبادئ الحكومة مما يؤكد لنا قدرراتة الفكرية العالية التي تخطت الأدب الى السياسة وصياغة انصوص والبنود الي يستند اليها الحكم في مصر ويبين هذا ايضا مدى ثقة الحكام في علمة وسداد رأية ثم عين بعد ذلك ناظرا للقلم العربي في وزارة المالية التي كان يتولاها راغب باشا وحين أنشئ مجلس تسديد ديون مصر السائرة عين ابراهيم عضوا فيه وعندما أزيح الخديوي اسماعيل عن أريكة الخديوية في مصر عام 1879م ونفي الى ايطاليا استقدم ابراهيم الية فعمل سكرتيرة العربي وقام بتعليم ابنة احمد فؤاد مليك مصر فيما بعد . وفي نابولي أصدر صحيفة(( الخلافة)) باللغتين العربية والتركية وأظهر فيها ((ان مقام الخلافة عند المسلمين يتسلسل من أصل عربي وانة أنتقل بلا حق الى ال عثمان سلاطين الأتراك)) . وأزعج هذا الكلام السلطان عبدالحميد فعمد الى أيقافها . ولكن ابراهيم جدد الهجوم على الدولة العلية في جريدة جديدة أنشائها تحت أسم (( الأتحاد )) فكان مصيرها الأحتجاب . وأخذيتنقل من ايطاليا الى فرنسا الى بلجيكا ويصدر صحفا مثل ((الأنباء)) و((الرجاء)) ولكنها لا تلبث ان تتوقف نتيجة مساعي السلطان ثم أستدعاه جمال الدين الأفغاني الى لندن وهناك أصدر صحيفة(( عين زبيدة)) التي أظهر فيها ولاء للسلطان عبدالحميد وهاجم فيها سياسة ((جلاد ستون)) وربما يكون السبب في تغيير معتقداتة السياسية هوتضامنة مع السلطان ضد الاحتلال الانجليزي لمصر عام 1882م ثم أرسل الى السلطان خطابا يلتمس فية الصفح عنة فاستجاب عبدالحميد وطلبة الى دار الخلافة وعينة عضو ا في ((انجمن معارف))عام 1885م وظل في الأستانة عشرة أعوام ثعادالى أرض الكنانة وأصدر صحيفتي ((مصباح الشرق)) و((المشكاة))

بعض أثارة


يعد المويلحي احد الأعلام في عصر النهضة والإحياء وكان لكتاباتة اكبر الاثر في تطوير النثر العربي الحديث فقد أعاد الى الأسلوب ديباجتة الصافية ورصانتة الأولى وفخامتة القديمة مع تخليصة من التعقيد والمعظلات وهومدرسة متكاملة في فن الكتابة الأدبية والأجتماعية في عصرة حتى قال عنة المنفلوطي (لا أكون مبالغا ان قلت ان ابراهيم المويلحي هو شيخ الكتابة العربية في هذا العصر وانة هو الذي علم الكتاب كيف يرقون بلغتهم الى المنزلة التي صلت اليها اليوم ومن آثاره كتاباتة في تلك الصحف التى أشرنا اليها وفي جريدتي ((مصر)) و((ابوزيد)) وله رسالة ((الفرج بعد الشدة)) في رياض باشا. و((حديث موسى ابن عصام)) في نقد الأخلاق و((ماهنا)) في المعية السنية و((ماهنالك)) في الدولة العلية . عدا مجموعة من القصائد نظمها في مناسبات تاريخية او اجتماعية على أن أهم اعمالة الأدبية والتاريخية كتاب ((ماهنالك))(2) في انتقاد الدولة العثمانية . وتتمثل أهميتة في أنة يجيب على السؤال الحائر في أذهاننا : لماذا سقطت الدولة العلية الكبرى بعد ان قاومت أربعة قرون متوالية ؟ علل المويلحي أسباب السقوط إلى استشراء الفساد وتفشيه في أوصال الدولة ومن مظاهر الأضمحلال التي كشف عنها في كتابة : عدم التزام السلطان العثماني بمبادئ الشرع الشريف وكثرة الجواسيس فى دولته وتضارب تقاريرهم وعدم معاقبة الكاذب منهم وتعدد دوائر المأمورين والحكام وامتلائها برجال كبار لا ينهضون بأعمال جليلة فضلا عن دس بعضهم لبعض بغية عطية او جاه ومن مظاهر فساد السياسة الخارجية إطلاق يد فرنسا في تونس مقابل تسلم فرنسا مدحت باشا الى الدولة العثمانية لمحاكمتة وان القتال في الميادين لايتم بخطط مدروسة وانما يعتمد على التنجيم ورؤيا الأحلام وغير هذا مما فصلة المويلحي في اسباب سقوط الخلافة العثمانية ولأجل هذه الأنتقادات الحادة امرو السلطان عبدالحميد بجمع نسخ الكتاب وارسالها الى الأستانة لحرقها فأمتثل . اما النسخ التي أفلتت فقد صارت ماجع تاريخية للباحثين ولم يرجع المويلحي في كتابة هذا الى مصادر مكتوبة وانما روى بصفتة شهد عيان لما دار امامة . واقام في الأستانة عشرة أعوام التقى فيها بكبار القوم وأستنصت لهم وذاكرهم فيما جرى من أحداث وأفعال وأسلوب المويلحي في ((ماهنالك)) يدل على بلاغته وتمكنة من لغته وتحررة من التكلف قدر الأمكان وادراكة لدور اللفظ في تحقيق المعنى ويطيب لي أمتاع القارئ بتعبير المويلحي في وصف اخلاق الجواسيس يقول :جهنمية البطون لهضم السحت .مبسوطة الأيدي لحصاد الإثم ،باسمة الثغور لفوادح الظلم ،مقبوضة النفوس عن فعل الخير ،كمة العيون عن رؤية الحق ،مزورة الجوانب عن قول الصدق،محصور المساعي في أفانين الشر،مشرئبة الأعناق لهتك الأعراض سابقة الأقدام لمورد الأفك ، طائرة الصيت في عداوة العدل، مطوية الجوانح على مخزيات الغش ....فهذه الفقرة تتصف بجزالة الصياغة ، وكفاية التعبير ، مع حسن تقسيم وربط الكلام دون استخدام ادوات الربط وهذة الزيادة في الوصف جاءت بغرض الأنابة وتقريب الموصوف مع البعد عما استعجم من ألفاظ حتى يصل الكلام الى مرتبة عالية في البيان

مصباح الشرقوفي ابريل 1898م أصدر المويلحي صحيقتة الأسبوعية ((مصباح الشرق )) في القاهرة لتعمل على تمسك المسلمين بدينهم والبقاء على محاسن آدابهم والدفاع عنهم والرقي بالأدب وأساليبة وقد أهتمت الصحيفة بالنقد الأجتماعي والبحث عن الأمراض التي تنخر في الهيئة الأجتماعية وتعيين مواطن الضعف والخلل واعتنت بالنقد الأدبي وجعلت صفحاتها معرضا لمختلف الأراء ومسرحا للعراك الأدبي وهي من أوائل الصحف التي انتقدت شعر شوقي وأظهرت بعض عيوبة وناقشت نثرحافظ وابرزت مضمونة وسجلت جدلا حولة أثرى الحركة الأدبية .وتعتبر ((مصباح الشرق )) اول صحيفة تعنى بشعر ابن الرومي في العصر الحديث فقد كانت تخصص الصفحة الأخيرة من العدد لنشر مختارات من شعرة مع تقديم ترجمة له وتيسير ماغمض على القارئ من صعب الكلام وضلت على هذة الحال عدة أشهر حتى رسخ ابن الرومي في الأذها وتناولتة بعد ذلك لدراسات.وقد حفلت الصحيفة بالأدب القصصي او الحكائي الذي تمثل في شكل ماظرات او في شكل مقامات ومن اشهر ما قدمتة في ها المجال ((حديث عيسى بن هشام )) لمحمد المويلحي و((حديث موى بن عصام )) لأبراهيم المويلحي لذلك يم القول ان ((مصباح الشرق )) من أهم الصحف الأدبية في تلك الفترة ابداعا ونقدا وظلت تقدم الأدب وتنتقد الفنون وتتابع الأحداث حتى توقفت عام 1903م وقد قال عنها العقاد قي كتابة ((رجال عرفتهم )) : ((اصبحت <أي مصباح الشرق> لسانا للحركة الأدبية مسموع القول في نقد الكتابة والشعراء وكان قولاها منتظرا مرموقا في أندية الأدب والثقافة )).وفي مصباح الشرق نشر المويلحي مجموعات كثيرة من المقالات كل مجموعة منها تسري فيها نغمة معينة وفكرة محددة ويطرد فيها الكلام والأحكام ويمكن جمها في كتاب علية عنوان ولة غرض واتجاه ومن هذا مجموعة يمكن وضعها في تحت عنوان (( الشرق والغرب))تتناول اوضاع غريبة في اوروبا ومجموعة أخرى جاءت تحت أسم ((كلام في المطبوعات)) قسمها بمايناسب الموضوع ورتبها بما يناسب الزمن وتؤرخ للصحافة الشرقية في القرن التاسع عشر مع موازنة بالصحافة الغربية وتعد من اقدم البحوث في هذا المجال وغيرها من فلسفة التاريخ ومناهج كتابتة وتطور تدوينة ونقد رواياتة وتحقيق حوادثة ووثائقة الى آخر مجموعات مقالات المويلحي في مصباحة والتي لو جمعت ونسقت تنسيقا موضوعيا لتكون منه تراث هام

حديث موسى بن عصام

نشر المويلحي((حديث موسى بن عصام )) منجما في مصباح الشرق وهو من ادب المقامات وعلى غرار((حديث عيسى بن هشام))لابنة محمد .واذا كان حديث ابن هشام يقدم صورا اجتماعية فان حديث ابن عصام يقدم صورا اخلاقية فكلاهما يكمل الأخر .جعل ابراهيم لمقاماتة راويا هو موسى بن عصام وبطلا هو الشيخ ابن عصام يسأل عن احوال الناس وطباعهم والشيخ يجيب ومن خلال الحوار بينهما يعرض المويلحي نماذج من الشخصيات العاملة في المجتمع ويحدد ملامحها ويبين نوازعها وطبائعها . ولأنةكتاب يتناول الأخلاق في المجتمع فقد دار الكلام فية على البخل والكذب والتملق والتكبر والطمع ويعرض لأناس يحسمون الخداع ويتمسكون بالرياء ويماكسون في أتفة الأشياء ..وقد كانت وسيلة المويلحي في علاج النفوس البائرة الزجر حينا والوعظ والنصح حينا أخر وتنفير الناس من الرذائل والأعمال الخسيسة والتحذير من عوافب الأفعال الشائنة ويأتي منة هذا في صور أدبية لامعة وأسلوب موسيقي تتصادح فية الأنغام .


ومن جملة مواقف المويلحي دعوتة للجامعة الأسلامية ودفاعة عن اللغة العربية الفصحى ضد ((وليمور)) الذي ذهب الى ضرورة استخدام اللهجات العامية في الكتابة وقد رأى المويلحي ان العامية تباعد بين المسلمين وكتابهم الكريم وتضعف ايمانهم وتقيم سدا بينهم وبين تراثهم .كما وقف في وجة ((هانوتو)) الذي ذهب دعوتة الى فصل السلطة الدينية عن السلطة الدنيوية وردعلية المويلحي وأفحمة وبين له ان الخليفة في الأسلام هو الذي يطبق الشريعة ودعا الى ترجمة الأصول الدينية السلامية لغير المسلمين ليتبصروا حقائق الأسلام ويدركوا معانية السامية
.


وهكذا كان المويلحي يعمل على رقي الأدب وتطوير اساليبة ويقاوم الفساد ويدافع عن الأسلام ويناهض المتطاولين على الفصحى ووسائلة في هذا تأليف الكتب وأصدار الصحف وأنشاء الرسائل وتدبيج المقالات تعينه تجارب مربها ولغات اجنبية أتقنها مثل الأنجليزية والفرنسية والأيطالية والتركية علاوة على معارفه الغزيرة وذكائئة ودهائة وألمعيته


وفي سنينه الأخيرة اعتلت صحتة ولزم دارة حتى فاضت روحة الى بارئها في 29من يناير 1906م وشيعه عارفو فضله الى مثواة الأخير*


(1):بعد سقوط الدولة العثمانية أستمرت اسرة الوكيل في إدارة قرية المويلح وإمارتها ببماركة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه وابنائة البررة من بعدة


(2):صدر عن دار المقطم عام 1896م



المصدر :

(1)مجلة القافلة عدد مايو يونية 1990م بقلم الأستاذ / أحمد حسين الطماوي / القاهرة

(2) جريدة الشرق الاوسط العدد 4810 تاريخ 29/1/1992م بقلم الدكتور على شلش

الرئيسيه   :::   أتصل بنــــا   :::   المنتديات

:+: مجموعة ترايدنت العربيه للتصميم والتطوير والإستضافه :+: :+:جميع الحقوق محفوظه لموقع المويلح :+: